كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 19)

إلى بلد أو الظعن في حاجة ركب مطيته، وسار حتى يقضي إربه، فشبه ما يقدمه المتكلم أمام كلامه ويتوصل به إلى غرضه من قوله: زعموا كذا وكذا بالمطية التي يتوصل بها إلى الحاجة، فإنما يقال: زعموا في حديث لا سند له ولا ثبت فيه، وإنما يحكى عن الألسن على سبيل البلاغ، قدم من الحديث ما كان هذا سبيله، وأمر بالتثبت فيما يحكيه والاحتياط فيما يرويه، فلا يروي إلا ما نقله ثقة، كما يقال: قالوا: كذا وكذا، ويزعم ناقله أنه لا إثم عليه، وإنما هو على ناقله الأول، فيكثر من الحديث، و"كفى بالمرء إثما أن يحدث بكلِّ ما سمع" (¬1).
قال ابن دريد: أكثر ما يقع الزعم على الباطل (¬2).
قال ابن بطال: يقال: زعم كذا إذا ذكر خبرًا لا يدري أحق هو أو باطل. ومعنى الحديث: أن من أكثر الحديث مما لا يعلم صدقه لم يؤمن عليه الوقوع في الكذب (¬3). فيثبت هذِه اللفظة مطية ليقول (¬4) ما لا يعلم، فإنها تؤدي إلى نقل الكذب. انتهى، "ومن حام حول الحمى يوشك أن يرتع فيه" (¬5).
(قال) المصنف (أبو عبد اللَّه) المذكور هو (حذيفة) بن اليماني
¬__________
(¬1) رواه مسلم (5)، وسيأتي برقم (4992) من حديث أبي هريرة مرفوعًا، واللفظ لأبي داود، ولفظ مسلم (كذبًا) بدلًا من (إثمًا).
(¬2) "جمهرة اللغة" 2/ 816.
(¬3) "شرح ابن بطال" 9/ 330.
(¬4) في (ل)، (م): ليقل. ولعل المثبت هو الصواب.
(¬5) رواه البخاري (52)، (2051)، ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير مرفوعًا بنحو هذا اللفظ.

الصفحة 101