كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 19)

يكتب عند اللَّه كذابًا) أي: يحكم له بذلك، ويستحق وصف الكذب، ويشتهر به عند اللَّه وفي الملأ الأعلى، ويلقي ذلك في قلوب (¬1) الناس وألسنتهم، ويشتهر به حتى لو صدق بعد ذلك لم يصدقوه.
(وعليكم) من ألفاظ الإغراء المصرحة بالإلزام (بالصدق) باللسان بالإخبار عن الماضي والمستقبل في الوعد وغيره، والصدق في النية والإرادة، وصدق العزم على ما قال وعزم عليه، كقوله: إن رزقني اللَّه مالا تصدقت منه، وإن تعلمت العلم عملت به وعلمته، وإن لقيت العدو قاتلت في سبيل اللَّه.
(فإنَّ الصدق يهدي إلى البر) أي: يوصل صاحبه إلى أن يكون من الأبرار الطائعين للَّه المخلصين. (وإن البر يهدي إلى) استحقاق (الجنة) ودخولها برحمة اللَّه، فحق على كل من فهم هذا عن اللَّه ورسوله أن يحترص على الصدق ويلازمه في الأقوال، والإخلاص في الأعمال، والصفاء في الأحوال.
(وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق) وهو قصده والاعتناء بتحصيله والتلبس به (حتى يكتب عند اللَّه صديقًا) أي: يستحق الوصف ببلوغ منزلة الصديقين، وهو من وصف المبالغة في الصدق، بأن يصدق قوله بالعمل، قال بعضهم؛ الصدق يهدي إلى العمل الصالح الخالص من كل مذموم، والبر اسم جامع للخير كله.
[4990] (ثنا مسدد، ثنا يحيى) القطان (عن بهز بن حكيم قال:
¬__________
(¬1) في (ل)، (م): ألسنة. والمثبت كما في "شرح النووي على مسلم" 16/ 160.

الصفحة 131