كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 19)

كما أن حسن الظن للآدمي متعين، ودفع سوء الظن ما أمكن كذلك يتعين أن يدفع عن أخيه المسلم سوء الظن، ويسعى في إيصال حسن الظن إليه.
وفي الحديث: كمال شفقته -صلى اللَّه عليه وسلم- على أمته، احترز من مواضع التهم، وعلمهم الاحتراز من التهمة، ولا يتساهل العالم الورع المعروف بالدين في أحواله، فيقول: مثلي لا يظن به إلا خير (¬1). إعجابا منه بنفسه، فإن أورع الناس وأتقاهم وأعلمهم لا ينظر الناس كلهم إليه بعين واحدة، بل بعين الرضا بعضهم، وبعين السخط بعضهم، كما قال الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... ولكن عين السخط تبدي المساويا (¬2)
قال الشافعي: خاف النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يقع في قلوبهما شيء؛ فيكفرا، وإنما قال ذلك لهما شفقًا عليهما لا على نفسه (¬3).
* * *
¬__________
(¬1) في (ل)، (م): خيرًا. ولعل الصواب ما أثبتناه.
(¬2) هذا البيت لعبد اللَّه بن معاوية بن عبد اللَّه بن جعفر بن أبي طالب، انظر: "الحيوان" 3/ 488، "الكامل في اللغة والأدب" 1/ 178.
(¬3) انظر: "معالم السنن" 4/ 128.

الصفحة 143