كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 19)

اليدين في الصلاة وغيره ومسلم في المتابعات (عن عاصم) (¬1) بن سليمان الأحول (عن أنس) بن مالك -رضي اللَّه عنه-.
(قال: قال لي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا ذا الأذنين) قيل: إن هذا من جملة مزحه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولطيف أخلاقه؛ لأن كل أحد له أذنان تثنية أذن، كما قال لأم أيمن حين قالت له: إن زوجي يدعوك: "أهو الذي بعينيه بياض؟ " فقالت: لا واللَّه، فقال: "كل أحد بعينيه بياض" (¬2) أراد به البياض المحيط بالحدقة، رواه الزبير بن بكار في كتاب "الفكاهة والمزاح" ورواه ابن أبي الدنيا، وكما قال للعجوز الذي سألته: أيدخل الجنة عجوز؟ فقال: "لا"، فبكت، فقال: "إنك لست بعجوز يومئذٍ؛ قال اللَّه تعالى: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37)} (¬3) (¬4).
وقيل: معنى الحديث: الحث على حسن الاستماع والوعي؛ لأن السمع بحاسة الأذن، ومن خلق اللَّه أذنين له فأغفل الاستماع ولم يحسن الوعي لم يعذر، وفيه دلالة على أنه يستحب للمحدث والعالم أن يحث جماعته على الإصغاء بكليتهم على ما يقوله والتعقل بالقلب، فإن اللَّه أعانه على ذلك بأذنين بجانبي رأسه يمينًا وشمالًا؛ ليصل ما يسمعه بهما إلى قلبه فيعقله، وعلى القول الأول أنه من جملة
¬__________
(¬1) فوقها في (ل): (ع).
(¬2) رواه الزبير بن بكار في كتاب "الفاكه" كما في "سبل الهدى والرشاد" 7/ 182 عن زيد بن أسلم مرسلًا.
(¬3) الواقعة: 35 - 37.
(¬4) رواه الترمذي في "الشمائل" (205)، والبيهقي في "البعث والنشور" (382) عن الحسن مرسلًا.

الصفحة 160