كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 19)

(قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن اللَّه عزَّ وجلَّ يبغض) بضم أوله وكسر الغين (البليغ من الرجال) وهو الفصيح الطلق اللسان، والماضي منه: بَلُغ بضم اللام (الذي يتخلل) بفتح الخاء المعجمة واللام المشددة، أي: يلوي لسانه في فمه، كما تلوي البقرة لسانها فتأكل حشيشًا (¬1)، ولا تميز بين الضار والنافع، فكذلك هذا البليغ فيما يقوله في الناس بين الخير والشر، [فيترك الشر] (¬2) ويأتي بالخير كالمتقي.
(بلسانه تخلل الباقرة) لغة في البقرة؛ يقال في واحدة البقر: بقرة وباقرة وباقورة، وفي كتاب الصدقة لأهل اليمن: "في ثلاثين باقورة بقرة" (¬3) والباقورة بلغة اليمن البقرة، فخاطبهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ إذ كل كتاب كتبه إلى القبائل كتبه بلغتهم، وسميت البقرة؛ لأنها تبقر الأرض. أي: تشقها بالحراثة (بلسانها) قال في "النهاية": وفي الحديث: "إن اللَّه يبغض البليغ من الرجال؛ الذي يتخلل الكلام بلسانه كما تتخلل الباقرة الكلأ بلسانها" قال: وهو الذي يتشدق في الكلام ويلف به لسانه ويفخمه، كما تلف البقرة الكلأ بلسانها (¬4).
وروى الطبراني: "يلوون ألسنتهم للناس لي البقرة بلسانها المرعى؛ كذلك يلوي اللَّه ألسنتهم ووجوههم في النار" (¬5). أي: يلغون (¬6) ألسنتهم
¬__________
(¬1) في (ل)، (م): حشيش. والصواب ما أثبتناه.
(¬2) ساقطة من (م).
(¬3) رواه ابن حبان 14/ 501 (6559) من حديث عمرو بن حزم.
(¬4) "النهاية في غريب الحديث" 2/ 73.
(¬5) "المعجم الكبير" 22/ 70 (170) من حديث واثلة بن الأسقع.
(¬6) في (ل)، (م): يفتلون. والصواب ما أثبتناه.

الصفحة 168