كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 19)

بحجته من خصمه، فينقلب الحق ببيانه إلى نفسه؛ لأن معنى السحر قلب الشيء في عين الإنسان، وليست الأعيان مقلوبة حقيقة، ألا ترى أن البليغ يمدح إنسانًا حتى يصرف قلوب السامعين إلى حبه، ثم يذمه حتى يصرفها إلى بغضه، ومنه: "البذاء والبيان شعبتان من النفاق" (¬1) أراد أنهما خصلتان منشؤهما النفاق، وأما البذاء وهو الفحش فظاهر، وأما البيان فإنما أراد منه بالذم التعمق في النطق والتفاصح وإظهار التقدم به على الناس، وكأنه نوع من الكبر والعجب (أو) قال: (إن بعض البيان لسحر) وقيل: معناه: أن صاحبه يكسب من الإثم ما يكتسبه الساحر بعمله؛ وهو أظهر في المعنى؛ لأن البيان كله ليس بمذموم؛ لأن منه ممدوحًا، ومنه مذمومًا، ولهذا حمل أول الحديث على المدح والذم، كما تقدم.
[5008] (ثنا سليمان (¬2) بن عبد الحميد) بن رافع الحمصي، قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: [صديق أبي، كتب عنه أبي] (¬3) وسمعت منه بحمص وهو صدوق (¬4) (أنه قرأ في أصل) سماع (إسماعيل بن عياش)
¬__________
(¬1) رواه أحمد 5/ 269، والترمذي (2027)، والحاكم 1/ 9 - 10، والبيهقي في "الشعب" 10/ 148 من حديث أبي أمامة.
قال الترمذي: حسن غريب، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقد احتجا برواته عن آخرهم.
وقال العراقي في "المغني" 1/ 475 (1805): بسند ضعيف.
وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (1650).
(¬2) فوقها في (ل): (د).
(¬3) في (ل)، (م): صديقي إنه كتب عنده، والمثبت من مصادر الترجمة.
(¬4) "الجرح والتعديل" 4/ 130.

الصفحة 172