كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 19)

المبشرة المحذرة.
(والرؤيا تحزين) وهي (من الشيطان) ويلحق بها المفزعات والمروعات وأضغاث الأحلام، كمن رأى أن رأسه قطع، أو دخل عليه لص يأخذ ثيابه، ونحو ذلك؛ إذ كل ذلك مذموم؛ لأنها من آثار الشيطان ودواعيه، وكل ما نسب إليه مذموم.
(ورؤيا مما يحدث به المرء نفسه) ويلازمه في يقظته ويهتم في أمره من الأعمال والعلوم والأقوال، فيراه في منامه وما (¬1) يقوله الأطباء من أن الرؤيا عن خلط غالب على الرائي، فيرى في نومه [ما] (¬2) يناسب ذلك الخلط، فمن غلب عليه البلغم يرى السباحة في الماء وما أشبهه؛ لمناسبة الماء طبيعة البلغم، ومن غلب عليه الصفراء رأى النيران والصعود والارتفاع؛ لمناسبة النار لطبيعة الصفراء، وهكذا في بقية الأخلاط، فهو مردود؛ لما تقدم أن الرؤيا مبشرة من اللَّه، وليس في قوة الطبيعة أن يقع على الغيب الإخبار عن أمور مستقبلة تحدث على نحو الرؤيا باتفاق العلماء.
(فإذا رأى أحدكم ما يكره) مما يخاف من وقوع تأويله وتعبيره (فليقم) من مضجعه (فليصلِّ) ما تيسر من ركعتين فأكثر، فريضة كانت أو نافلة، والنافلة أولى، وليس هذا مخالفًا للرواية الآتية "فلينفث عن يساره ثلاث مرات وليتعوذ من شرها" (¬3) فإن المراد بالصلاة أن يكون النفث والتعوذ،
¬__________
(¬1) في (ل، م): ولا. والجادة المثبت.
(¬2) زيادة يقتضيها السياق.
(¬3) يأتي برقم (5021).

الصفحة 198