كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 19)

(والحلم) بضم الحاء واللام، وإسكان اللام تخفيف (من الشيطان) سميت الرؤيا الكاذبة التي هي من حيز الأضغاث حلمًا، وأضيفت إلى الشيطان؛ لأنه يحضرها ويبشر بها ويلقنها للآدمي؛ ليشوش عليه ويحزنه، وهذا النوع هو المأمور بالاستعاذة منه؛ لأنه من تخييلات الشياطين، وقيل: أضيف الحلم إلى الشيطان إذا كانت مخلوقة على شاكلته وطبعه، فليحذر الرائي مكائده فلا يحزن لها ولا يتأثر بها.
(فإذا رأى أحدكم) في منامه (شيئًا يكرهه فلينفث) بضم الفاء وكسرها، وفي رواية: "فليبصق على شماله" كما في البخاري (¬1)، وفي رواية لمسلم: "فليتفل" (¬2) ولعل المراد بالجميع [النفث] (¬3)، فإنه في أكثر الروايات، وهو نفخ لطيف بلا ريق، ويكون التفل والبصق محمولًا عليه مجازًا ([عن يساره] (¬4) ثلاث مرات) وللبخاري: "فإنما هي من الشيطان" (¬5)، ولعل (¬6) المراد بالنفث ترغيمًا للشيطان كما يتفل من رأى مستقذرًا، ولا أقذر من الشيطان (ثم ليتعوذ) باللَّه (من شرها) صادقًا في التجائه إلى اللَّه، ناويًا امتثال أمره -صلى اللَّه عليه وسلم- (فإنها لا تضره) وتكون هذِه الأمور سببًا لسلامته منه، ومانعًا لوقوع ذلك المكروه، كما يقال: إن الدعاء دافع للبلاء والصدقة، وكل ذلك بقضاء اللَّه
¬__________
(¬1) (6986) ولفظه: "وليبصق عن شماله".
(¬2) "صحيح مسلم" (2261/ 4).
(¬3) في (ل، م): التفل. والمثبت يقتضيه السياق. انظر: "شرح النووي" 15/ 18.
(¬4) من المطبوع.
(¬5) "صحيح البخاري" (7045) من حديث أبي سعيد.
(¬6) زاد قبلها في (م): ثم ليتعوذ باللَّه من شرها.

الصفحة 204