كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 19)

عاجز عن الامتثال به، فيعذب على كل حال.
ويستفاد منه: جواز التكليف بالمحال في الدنيا كما جاز ذلك في الآخرة، لكن ليس (¬1) مقصود هذا التكليف الامتثال وطلب وقوعه منه، وإنما مقصوده تعذيب فاعله المكلف، وإظهار عجزه عما تعاطاه؛ مبالغة في توبيخه، وإظهارًا لقبح فعله.
(ومن تحلم) بفتح الحاء واللام المشددة، أي: من قال: إنه رأى في النوم، ما لم يرَه. يقال: حلم. بالفتح إذا رأى الرؤيا، وتحلم إذا اذ ادعى الرؤيا كاذبًا، وزاد البخاري إيضاحًا فقال: "من تحلم بحلم لم يره" (¬2) (كلف أن يعقد شعيرة) ولفظ البخاري: "كلف أن يعقد بين شعيرتين" يعني: وليس بعاقد.
وقد زادت عقوبة الكاذب في منامه على الكاذب في اليقظة؛ لما صحَّ أن الرؤيا جزء من أجزاء النبوة (¬3)، والنبوة لا تكون إلا وحي حق، والكاذب في رؤياه يدعي أن اللَّه أراه ما لم يره، وأعطاه جزءًا من النبوة، ولم يعطه إياه، والكاذب على اللَّه أعظم من الكاذب على الناس، أو على نفسه، ومعنى عقد الشعيرة أنه يكلف ما لا يكون،
¬__________
(¬1) ساقطة من (م).
(¬2) "صحيح البخاري" (7042).
(¬3) روى البخاري (6988)، ومسلم (2263) من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة" وليراجع حديث (5018) والكلام عليه. ورواه البخاري (6987)، ومسلم (2264) أيضًا من حديث عبادة بن الصامت ورواه البخاري (6989) من حديث أبي سعيد بلفظ: "الرؤيا الصالحة. . . "، ورواه مسلم (2265) من حديث ابن عمر.

الصفحة 208