كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 19)

وهو مستحيل، فيطول عذابه في النار؛ لأن عقد الشعيرتين لا يمكنه فعله، فيستمر عذابه، وليس في الحديث دليل على تكليف ما لا يطاق؛ لأنه يوم القيامة ليس في دار تكليف، وإنما دار مجازاة على العمل في الدنيا.
(ومن استمع إلى حديث قوم يفرون به منه) لفظ البخاري: "ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون أو يفرون منه" (¬1) قال الطبري: إن سأل سائل عمن استمع إلى حديث قوم لا ضرر على المتحدثين في استماعه إليهم، وللمستمع فيه نفع عظيم، إما في دينه أو في دنياه، أيجوز استماعه إليه وإن كره ذلك المتحدثون؟
فالجواب: إن المستمع لا يعلم هل له فيه نفع إلا بعد استماعه إليه، وبعد دخوله فيما كره له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فغير جائز له استماع حديثهم [وإن كان لا ضرر عليهم فيه؛ لنهيه -عليه السلام- عن الاستماع إلى حديثهم] (¬2) نهيًا عامًّا، فلا يجوز لأحد من الناس أن يستمع إلى حديث قوم يكرهون استماعه، فإن فعل ذلك أحد فأمره إلى خالقه، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، فإن قيل: أفرأيت من استمع إلى حديثهم وهو لا يعلم هل يكرهون ذلك أم لا، فهل هو داخل في الوعيد؟ فالجواب: إن الخبر إنما ورد في الوعيد لمستمع ذلك وأهله له كارهون، فأما [من] (¬3) لم يعلم كراهتهم لذلك فالصواب أن لا يستمع حديثهم إلا بإذنهم؛ لحديث النهي عن المتناجين إلا بإذنهم (¬4).
¬__________
(¬1) "صحيح البخاري" (7042).
(¬2) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(¬3) زيادة يقتضيها السياق.
(¬4) رواه البخاري (6290)، ومسلم (2184) من حديث ابن مسعود، ورواه البخاري (6288)، ومسلم (2183) من حديث ابن عمر.

الصفحة 209