كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 19)

المغيرة بن شعبة، عن أبي هريرة، قال: سمعت أبا القاسم الصادق المصدوق) وهو تجاه قبره -صلى اللَّه عليه وسلم- (صاحب هذِه الحجرة) وهي البيت، والجمع: حُجر وحجرات، مثل: غرفة وغرفات (يقول: لا تنزع الرحمة إلا من) قلب (شقيّ) وهو ضد السعيد، وهو إشارة إلى الشقاء في الآخرة، وقد يكون في الدنيا.
ويوضحه رواية الترمذي: "من لم يرحم الناس لا يرحمه اللَّه" (¬1) و"من لم يرحمه اللَّه فهو شقي" (¬2)، والحديث الذي يليه: "من لم يرحم صغيرنا فليس منَّا" (¬3) ومن ليس منَّا شقي، وليس المراد بالرحمة رحمة أحدنا لصاحبه، بل الرحمة العامة [لرواية الطبراني] (¬4): "لن تؤمنوا حتى تراحموا" قالوا: يا رسول اللَّه، كلنا رحيم. قال: "إنه ليست رحمة أحدكم صاحبه، ولكنها رحمة العامة" (¬5).
ويبين هذا رواية البخاري: جاء أعرابي إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: إنكم تقبلون الصبيان ولا نقبلهم؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أوأملك لك أن نزع اللَّه الرحمة من قلبك؟ ! " (¬6) والظاهر أن هذا الأعرابي هو
¬__________
(¬1) "سنن الترمذي" (1922) من حديث جرير بن عبد اللَّه مرفوعًا.
(¬2) لم أقف عليه في "سنن الترمذي" بهذا اللفظ، وإنما وجدته بلفظ: "لا تنزع الرحمة إلا من شقي"، رواه الترمذي (1923) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.
(¬3) الآتي برقم (4943).
(¬4) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(¬5) ذكره الهيثمي في "المجمع" 8/ 186 من حديث أبي موسى الأشعري وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.
(¬6) "صحيح البخاري" (5998) من حديث عائشة رضي اللَّه عنها.

الصفحة 29