كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 19)

مسلم: "فيما استطعت" (¬1). فهو كقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬2) إذ قد يعجز الإنسان في بعض الأحوال.
وفيه: العفو عن الهفوة والسقطة وما وقع من خطأ أو تفريط.
(وأن أنصح لكل مسلم) بأن أكون معهم كما قال -عليه السلام-: "أن تؤتيهم ما تحب أن يؤتى إليك، وتكره لهم ما تكره لنفسك" (¬3). وقال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (¬4)، وإذا كان هذا في حق المسلم فالعلماء والأئمة أولى بذلك.
(قال) وكان جرير (إذا باع الشيء أو اشتراه قال: أما) بتخفيف الميم (إن الذي أخذنا) هـ (منك أحب) بالرفع (إلينا مما أعطيناك، فاختر) لنفسك الإمضاء أو الفسخ.
وروى الحاكم عن أبي سباع قال: اشتريت ناقة من بلاد واثلة بن الأسقع، فلما خرجت بها أدركني يجر إزاره فقال: اشتريت؟ قلت: نعم. قال: بين لك ما فيها؟ قلت: وما فيها؟ قال: إنها لسمينة ظاهرة الصحة. قال: أردت بها سفرًا أو أردت لحمًا؟ قلت: أردت بها الحج. قال: فارتجعها؛ فإني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا يحل لأحد يبيع شيئًا إلا بين ما فيه، ولا يحل لمن يعلم ذلك إلا بينه" (¬5)، ولابن
¬__________
(¬1) "صحيح مسلم" (56) (99).
(¬2) البقرة: 286.
(¬3) رواه أحمد 3/ 472 - 473 من حديث عبد اللَّه اليشكري مرفوعًا.
(¬4) رواه البخاري (13)، ومسلم (45) من حديث أنس مرفوعًا.
(¬5) "المستدرك" 2/ 9 - 10.

الصفحة 34