كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 19)

البخاري قبل في الفتن عن ابن عمر (¬1) ولم أره.
وقال ابن دقيق العيد: وإن ثبت أنهم يدعون بأمهاتهم؛ فقد يقال: يخص هذا من العموم. أي: يخص منه أولاد الزنا فيدعون بأمهاتهم ويبقى غيرهم على عمومه في أنهم يدعون لآبائهم، واللَّه أعلم.
ويرجح الدعاء بالأم قوله تعالى: {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} (¬2)، قال محمد بن كعب: بأسمائهم: بأمهاتهم، وإمام جمع أم (¬3) (¬4). قال الحكماء: فيه ثلاثة أوجه من الحكمة؛ أحدها: لأجل عيسى. والثاني: إظهار شرف الحسن والحسين. والثالث: لئلا يفتضح أولاد الزنا فيفتضح الولد وليس له ذنب.
(فأحسنوا أسماءكم) لتدعوا بها في عرصات القيامة على رؤوس الأشهاد، وفيه الأمر بتحسين اسم الولد، فإنه من حقوق الولد على أبيه، ويكره له أن يسميه باسم قبيح وما يتطير به. قال المنذري: وهذا الحديث منقطع؛ لأن ابن أبي زكريا الخزاعي الثقة العابد لم يسمع من أبي الدرداء (¬5). واللَّه أعلم.
¬__________
(¬1) "صحيح البخاري" (7111) بغير هذا اللفظ مرفوعًا، ورواه بهذا اللفظ البخاري (6177)، (6178)، ومسلم (1735) من حديث ابن عمر مرفوعًا أيضًا.
(¬2) الإسراء: 71.
(¬3) انظر: "الكشف والبيان عن تفسير القرآن" 4/ 64، "معالم التنزيل" 5/ 110.
(¬4) قال السيوطي: وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: مِنْ بِدَعِ التَّفَاسِيرِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الإِمَامَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ}، جَمْعُ أُمٍّ، وَأَنَّ النَّاسَ يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ بِأُمَّهَاتِهِمْ دون آبائهم، قال: وهذا غلط أوجبه جهل بِالتَّصْرِيفِ فَإِنَّ أُمًّا لَا تُجْمَعُ عَلَى إِمَامٍ. "الإتقان في علوم القرآن" 4/ 214.
(¬5) "مختصر سنن أبي داود" 7/ 251، "الترغيب والترهيب" 3/ 352.

الصفحة 43