كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 19)

(فدعاه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: إن اللَّه هو الحكم) أي: الحاكم الذي إذا حكم لم يرد حكمه وقضاؤه، وهذِه الصفة لا تليق بغير اللَّه تعالى.
وفيه دلالة على أن الحكم من الأسماء المختصة باللَّه تعالى، لا يسمى به غيره، كالقدوس ونحوه، ومن أسمائه: الحكم العدل (وإليه) دون غيره (الحكم) بين عباده، وقضاؤه النافذ فيهم، وهو خير الحاكمين (فلم تكنى أبا الحكم؟ ) وللنسائي: فلم تكنى أبا الحكم؟ (¬1) (فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء) مما يقع فيه التنازع بينهم [(أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين) بما حكمت بينهم] (¬2) (فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما أحسن هذا) استدل به على أن الرجلين إذا تحاكما إلى رجل وحكماه بينهما في شيء من حقوق الآدميين ورضيا به، وكان ممن يصلح للقضاء جاز ذلك في المال وغيره كقصاص ونكاح، ونفذ حكمه عليهما سواء كان في البلد قاضٍ أم لا، فليس له الحبس، بل غايته الإثبات والحكم، ولا يشترط الرضا بعد الحكم، وإذا رفع حكمه إلى قاضٍ لم ينقضه إلا بما ينقض به قضاء غيره.
وللشافعي قول: أنه لا يكون الرضا إلا بعد المعرفة بحكمه (¬3)، وليس بصحيح؛ لأنه لم يذكر المعرفة في الحديث؛ ولأن الموكل إذا رضي بتصرف وكيله فإنه يلزمه قبل المعرفة به.
(فما لك من الولد؟ قال: لي شريح) وهو الراوي عنه (ومسلم، وعبد
¬__________
(¬1) "المجتبى" 8/ 226.
(¬2) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(¬3) انظر: "المهذب" 2/ 291، "روضة الطالبين" 11/ 122.

الصفحة 60