السراج (فجاءت بها فألقتها بين يدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على الخمرة) بضم الخاء المعجمة وسكون الميم، تكون من حصير أو نسيجة خوص ونحوه من النبات، سميت بذلك لأن خيوطها مستورة بسعفها، يقال: إنها في مقدار ما يضع الرجل عليها وجهه في سجوده، ولا تكون خمرة إلا في هذا المقدار.
وذكر في "النهاية" هذا الحديث، وقال: هو صريح في إطلاق الخمرة على الكبير من نوعها (¬1). انتهى. وعلى هذا فهي الحصيرة التي تضفر من سعف النخل، ومن حملها على ما هو قدر الوجه فرق بينهما، فجعل الخمرة للصغيرة ونحوها، والكبيرة للحصير.
(التي كان قاعدًا عليها) فيه: جواز الجلوس على الحصير ونحوها، وقد كان يجلس على الأرض هو وأصحابه -رضي اللَّه عنهم- (فأحرقت منها مثل) قدر (موضع الدرهم، فقال: إذا نمتم) فيه حذف تقديره: إذا أردتم أن تناموا (فأطفئوا) بفتح الهمزة أوله وضم الهمزة بعد الفاء (سروجكم) جمع سراج. لفظ مسلم: "أطفئوا مصابيحكم" (¬2) (فإن الشيطان يدل مثل هذِه) الفأرة (على) جر الفتيلة، مثل (هذا) الذي فعلت (فيحرقكم) أي: يحرق بيوتكم عليكم وعلى أهلكم وأمتعتكم.
وفيه: أن الشيطان يوسوس للهوام والدواب وسائر الحيوانات، كما يوسوس للآدميين، وقد يوسوس للبرغوث والقملة والبعوض ونحو ذلك حتى يشوش على المصلي أو من كان في عبادة، ويدل على ذلك قوله في
¬__________
(¬1) "النهاية في غريب الحديث والأثر" 2/ 78.
(¬2) "صحيح مسلم" (2012/ 97) من حديث جابر مرفوعًا.