كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 19)

يعني: القمل. على الاستعارة بجامع الأذى.
والأظهر أن المراد بالهوام في حديث المصنف الحيات، لقوله بعده (من الجن) أي: يتصور على صورة الحيات والكلاب؛ لما روى القرطبي عن أبي ثعلبة الخشني أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الجن على ثلاثة أثلاث: فثلث لهم أجنحة يطيرون في الهواء، وثلث حيات وكلاب، وثلث يحلون ويظعنون" (¬1) ويدل عليه الحديث المتقدم في كنس زمزم أنهن حيات البيوت (¬2).
(فمن رأى في بيته شيئًا) من الحيات (فليُحَرِّج) بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء بعدها جيم، أي: يضيق عليه، وقد تأوله مالك -رضي اللَّه عنه-، على أن يقال: أحرج عليك باللَّه واليوم الآخر أن لا تبدوا لنا ولا تؤذونا. فأخذه من ظاهر الحديث (¬3). وقال في "النهاية": تقول: أنت في حرج. أي: ضيق إن عدت لنا فلا تلومينا أن نطبق عليك بالتتبع والطرد والقتل، ومنه حديث اليتامى: تحرجوا أن يأكلوا معهم. أي: ضيقوا على أنفسهم، يقال: تحرج فلان: إذا فعل فعلًا يخرج به من الحرج، وهو الإثم والضيق (¬4).
(ثلاث مرات) فيه: رد على ما تقدم عن الداودي أنه يحرج ثلاثة أيام، ويحتمل أن يكون مراده ما في الحديث أنه يحرج ثلاثة أيام، كل
¬__________
(¬1) "التمهيد" 16/ 265.
(¬2) سبق قريبًا برقم (5251) من حديث العباس بن عبد المطلب.
(¬3) انظر: "شرح مسلم" للنووي 14/ 230.
(¬4) "النهاية في غريب الحديث والأثر" 1/ 361.

الصفحة 640