-صلى اللَّه عليه وسلم-) قال: (إن نملة قرصت نبيا من الأنبياء) وهو العزير كما تقدم (فأمر بقرية النمل) أي: منزلهن وبيتهن التي تسكن فيه، والجمع قرى، وأصل القرية من المساكن والأبنية الضياع، وقد تطلق على المدن، ومنه الحديث: "أمرت بقرية تأكل القرى" (¬1) يعني: مدينة الرسول -عليه السلام-، ومعنى "تأكل القرى" ما يفتح على أيدي أهلها من المدن ويصيبون من غنائمها التي تؤكل.
(فأحرقت، فأوحى اللَّه إليه [أفي أن]) (¬2) أي: لأجل أن (قرصتك نملة) واحدة (أهلكت أمة) يقال لكل جيل من الحيوان والناس: أمة، ومنه حديث: "لولا أن الكلاب أمة تسبح لأمرت بقتلها" (¬3).
(تسبح؟ ) قال القرطبي: مقتضى هذا أنها تسبح بقول ونطق، كما قد أخبر اللَّه عن النمل التي سمعها سليمان: {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} وهذا يدل دلالة واضحة على أن النملة نطقت له بالقول، لكن لا يسمعه ولا يفهمه كل أحد، بل من شاء اللَّه ممن خرق له العادة من نبي أو ولي، ولا ينكر هذا من حيث إنا لا نسمع ذلك، فإنه لا يلزم من عدم الإدراك عدم المدرك في نفسه (¬4).
[5267] (ثنا أحمد بن حنبل، ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن
¬__________
(¬1) رواه البخاري (1871)، ومسلم (1382) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.
(¬2) ساقطة من (م).
(¬3) سبق برقم (2845)، ورواه أيضًا الترمذي (1486)، (1489)، والنسائي 7/ 185، وابن ماجه (3205) كلهم من حديث عبد اللَّه بن مغفل مرفوعًا.
(¬4) "المفهم" 5/ 543.