كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 19)

له مسلم (¬1) (عن جابر) بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما (قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن عشت) فيه حذف تقديره -واللَّه أعلم-: أريد إن عشت (إن شاء اللَّه) تعالى، وفيه استحباب التعليق بالمشيئة للمستقبل (أن أنهى أمتي) ولفظ مسلم: أراد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن ينهى أن يسمى بيعلى (¬2).
وقد اختلف في حديث سمرة وجابر هذا، هل بينهما معارضة في قوله في الأول: (نهى) وفي الثاني: (أريد أن أنهى إن عشت) فقيل: إن حديث جابر ناسخ لحديث سمرة، والمشهور: لا معارضة ولا نسخ؛ فإن قوله: (إن عشت أن أنهى) وأراد أن ينهى عن هذِه الأسماء، أراد أن ينهى عنه نهي تحريم، فلم ينه عنه، وأما حديث سمرة؛ فإنه نهي تنزيه لا تحريم، بمعنى أن ترك التسمية بهذِه الأسماء أولى؛ لأن التسمية تؤدي إلى التفاؤل (وبقوله) (¬3): لا. فربما أوقع السامع في شيء من الطيرة، ولبشاعة هذا اللفظ، فإن قيل: بلى المصير إلى النسخ أولى؛ فإن حديث سمرة وإن حمل على الكراهة؛ لحديث جابر كما تقدم فإن حديث جابر يقتضي الإباحة المطلقة؛ لأنه لما سكت عن النهي عن ذلك إلى حين موته، وكذلك عمر مع حصول ذلك في الموجود كثيرًا، فقد كان للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- غلام اسمه رباح، ومولى اسمه يسار، وقد سمى ابن عمر مولاه نافعًا، ومثله كثير. فالجواب: أن هذا يلزم منه أن لا يصدق قول جابر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أراد أن ينهى
¬__________
(¬1) (2052/ 167).
(¬2) "صحيح مسلم" (2138).
(¬3) في (ل): بقوله. والمثبت ما يقتضيه السياق.

الصفحة 73