كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 19)

٦٦٨٣٣ - قال مقاتل بن سليمان: {واذْكُرْ عَبْدَنا أيُّوبَ إذْ نادى رَبَّهُ} يعني: إذ قال لربه: {أنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ} يقول: أصابني الشيطان {بِنُصْبٍ} يعني: مشقة في جسده، {وعَذابٍ} في ماله (¬١) [٥٥٧٧]. (ز)

آثار مطولة في قصة أيوب
٦٦٨٣٤ - عن أنس بن مالك، أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنّ نبيَّ الله أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة، فرفضه القريبُ والبعيدُ، إلا رجلان مِن إخوانه كانا مِن أخصِّ إخوانه به، كانا يغدوان إليه ويروحان، فقال أحدُهما لصاحبه: تعلم -واللهِ- لقد أذنب أيوبُ ذنبًا ما أذنبه أحدٌ من العالمين. قال له صاحبه: وما ذاك؟ قال: مِن ثماني عشرة سنة لم ي? فيكشف ما به. فلمّا راحا إليه لم يصبر الرجلُ حتى ذكر ذلك له، فقال أيوب: لا أدري ما تقول، غير أنّ الله يعلم أني كنت أمرُّ على الرجلين يتنازعان فيذكران الله، فأرجع إلى بيتي فأُكَفِّر عنهما كراهية أن يذكر الله إلا في حقٍّ. قال: وكان يخرج إلى حاجته، فإذا قضاها أمسكتْ امرأتُه بيده حتى يبلغ، فلما كان ذات يوم أبطأ عليها، وأُوحي إلى أيوب في مكانه: أن {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وشَرابٌ}. فاستبطأته، فتلقَّته تنظر، فأقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء، وهو على أحسن ما كان، فلما رأته قالت: أي بارك الله فيك، هل رأيت نبيَّ الله هذا المُبتلى؟ فوالله على ذلك ما رأيتُ أحدًا أشبه به منك إذ كان صحيحًا. قال: فإنِّي أنا هو. قال: وكان له أندران (¬٢)؛ أنْدر للقمح، وأنْدر للشعير، فبعث الله سحابتين، فلما كانت إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض، وأفرغت الأخرى في أندر الشعير الورِق حتى فاض» (¬٣). (١٠/ ٣٤٧)
---------------
[٥٥٧٧] ذكر ابنُ عطية (٧/ ٣٥١) في قوله: {مسني الشيطان} عدة أوجه، فقال: «وقوله - عليه السلام -: {مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ} يحتمل: أن يشير إلى مسه حين سلَّطه الله عليه حسبما ذكرنا. ويحتمل أن يريد: مسه إياه حين حمله في أول الأمر على أن يواقع الذنب الذي من أجله كانت المحنة؛ إمّا ترك التغيير عند الملك، وإما ترك مواساة الجار. وقيل: أشار إلى مسه إيّاه في تعرُّضه لأهله وطلبه منه أن يشرك بالله».
_________
(¬١) تفسير مقاتل بن سليمان ٣/ ٦٤٧.
(¬٢) الأندر: البَيْدَر، وهو الموضع الذي يداس فيه الطعام بلغة الشام. النهاية (أندر).
(¬٣) أخرجه ابن حبان ٧/ ١٥٧ - ١٥٩ (٢٨٩٨)، والحاكم ٢/ ٦٣٥ (٤١١٥)، وابن جرير ٢٠/ ١٠٩ - ١١٠، وابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير ٥/ ٣٦١ - ، والثعلبي ٦/ ٢٩٥.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط الشيخين، ولم يخرجاه». وقال أبو نعيم في الحلية ٣/ ٣٧٥: «غريب من حديث الزهري، لم يروه عنه إلا عقيل، ورواته متفق على عدالتهم، تفرد به نافع». وقال ابن كثير: «رَفْعُ هذا الحديث غريبٌ جدًّا». وقال الهيثمي في المجمع ٨/ ٢٠٨ (١٣٨٠٠): «رواه أبو يعلى، والبزار، ورجال البزار رجال الصحيح». وقال الألباني في الصحيحة ١/ ٥٣ - ٥٤ (١٧): «الحديث صحيح».

الصفحة 120