كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 19)

٦٦٣١٣ - قال مقاتل بن سليمان: {وانْطَلَقَ المَلَأُ} وهم سبعة وعشرون رجلًا، والملأ في كلام العرب: الأشراف {مِنهُمْ} الوليد بن المغيرة، وأبو جهل بن هشام، وأمية وأُبَيّ ابنا خلف ... وغيرهم، فقال الوليد بن المغيرة: {أنِ امْشُوا} إلى أبي طالب، {واصْبِرُوا} واثبتوا على عبادة {آلِهَتِكُمْ} -نظيرها في الفرقان [٤٢]: {لَوْلا أنْ صَبَرْنا عَلَيْها} يعني: ثبتنا، فقال الله - عز وجل - في الجواب: {فَإنْ يَصْبِرُوا فالنّارُ مَثْوىً لَهُمْ} [فصلت: ٢٤]-، فمشوا إلى أبي طالب، فقالوا: أنت شيخُنا وكبيرُنا وسيدُنا في أنفسنا، وقد رأيتَ ما فَعَلَتِ السفهاءُ، وإنّا أتيناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك. فأرسل أبو طالب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتاه، فقال أبو طالب: هؤلاء قومك، يسألونك السواء، فلا تمِل كلَّ الميل على قومك. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وماذا يسألوني؟». قالوا: ارفضْ ذكر آلهتنا وندعك وإلهك. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم: «أعطوني أنتم كلمةً واحدة تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم». فقال أبو جهل: لله أبوك، لَنُعْطِيَنَّكَها وعشرًا معها. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قولوا: لا إله إلا الله». فنفروا من ذلك، فقاموا، فقالوا: {أجَعَلَ} يعني: وصف محمد {الآلِهَةَ إلهًا واحِدًا إنَّ هذا} الذي يقول {لَشَيْءٌ عُجابٌ} يعني: لأمر عجب -بلغة أزد شنوءة- أن تكون الآلهة واحدًا، {إنَّ هَذا لَشَيْءٌ} الأمر {يُرادُ} (¬١) [٥٥٣٧]. (ز)

٦٦٣١٤ - قال سفيان الثوري: {المَلَأُ مِنهُمْ} عقبة بن أبي مُعيط (¬٢). (ز)
---------------
[٥٥٣٧] علّق ابنُ عطية (٧/ ٣٢٥ - ٣٢٦) على ما جاء في هذا القول، فقال: «فقوله تعالى في هذه الآية: {وانْطَلَقَ المَلَأُ} عبارة عن خروجهم عن أبي طالب، وانطلاقهم من ذلك الجمع، هذا قول جماعة من المفسرين». ثم ذكر قولًا آخر وعلّق عليه، فقال: «وقالت فرقة: هي عبارة عن إذاعتهم لهذه الأقاويل، فكأنه كما يقول الناس: انطلق الناس بالدعاء للأمير ونحوه، أي: استفاض كلامهم بذلك». وذكر ابنُ عطية في قوله: {أن امشوا} أن معناه: «سيروا على طريقتكم ودوموا على سيركم، أو يكون المعنى: أمر من نقل الأقدام، قالوه عند انطلاقهم». وذكر قولًا لم ينسبه لأحد من السلف أن معنى ذلك: «دعاء بكسب الماشية». وانتقده مستندًا إلى اللغة، وظاهر الآية بقوله: «وفي هذا ضعف؛ لأنه كان يلزم أن تكون الألف مقطوعة، لأنه إنما يقال: أمشى الرجلُ؛ إذا صار صاحب ماشية، وأيضًا فهذا المعنى غير متمكن في الآية».
_________
(¬١) تفسير مقاتل بن سليمان ٣/ ٦٣٥ - ٦٣٦.
(¬٢) تفسير سفيان الثوري (٢٥٦).

الصفحة 17