كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 19)

٦٧١٦٧ - قال مقاتل بن سليمان: يقول لكفار مكة: {إنْ تَكْفُرُوا} بتوحيد الله {فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ} عن عبادتكم (¬١). (ز)


{وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}

٦٧١٦٨ - عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- قال: {ولا يَرْضى لِعِبادِهِ الكُفْرَ} وهم عباده المخلصون الذين قال: {إنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إلّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغاوِينَ} [الحجر: ٤٢]، فألزمهم شهادة أن لا إله إلا الله، وحبّبها إليهم (¬٢). (١٢/ ٦٣٦)
٦٧١٦٩ - عن عكرمة مولى ابن عباس، {ولا يَرْضى لِعِبادِهِ الكُفْرَ}، قال: لا يرضى لعباده المسلمين الكفر (¬٣). (١٢/ ٦٣٦)

٦٧١٧٠ - عن قتادة بن دعامة، قال: واللهِ، ما رضي الله لعبده ضلالة، ولا أمره بها، ولا دعا إليها، ولكن رضي لكم طاعتَه، وأمركم بها، ونهاكم عن معصيته (¬٤). (١٢/ ٦٣٦)

٦٧١٧١ - عن قتادة بن دعامة: {ولا يَرْضى لِعِبادِهِ الكُفْرَ}، معنى الآية: أن يكفروا به (¬٥). (ز)

٦٧١٧٢ - عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- {ولا يَرْضى لِعِبادِهِ الكُفْرَ}، قال: لا يرضى لعباده المؤمنين أن يكفروا (¬٦) [٥٦٠٧]. (ز)
---------------
[٥٦٠٧] اختُلف في معنى: {إنْ تَكْفُرُوا فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ ولا يَرْضى لِعِبادِهِ الكُفْرَ} على قولين: الأول: أن ذلك خاصٌّ ببعض الناس، والمعنى: إن تكفروا -أيُّها المشركون- بالله فإن الله غنيٌّ عنكم، ولا يرضى لعباده المؤمنين الذين أخلصهم لعبادته وطاعته الكفر. الثاني: أن ذلك عامٌّ لجميع الناس، والمعنى: أيها الناس، إن تكفروا فإن الله غني عنكم، ولا يرضى لكم أن تكفروا به.
ورجَّح ابنُ جرير (٢٠/ ١٦٩) مستندًا إلى عموم اللفظ: «ما قال الله -جلَّ ثناؤه-: {إنْ تَكْفُرُوا} بالله، أيُّها الكفار به، {فَإنَّ اللهَ غَنِيٌّ} عن إيمانكم وعبادتكم إياه، {ولا يَرْضى لِعِبادِهِ الكُفْرَ} بمعنى: ولا يرضى لعباده أن يكفروا به، كما يقال: لستُ أُحِبُّ الظلمَ، وإن أحببتُ أن يظلِمَ فلانٌ فلانًا فيعاقب».ونقل ابنُ عطية (٧/ ٣٧٤ - ٣٧٥) القول الأول عن ابن عباس، فقال: «هذه الآية مخاطبة للكفار الذين لم يُرد الله أن يطهِّر قلوبهم، وعباده هم المؤمنون». ثم ذكر القول الثاني قائلًا: «ويحتمل أن تكون مخاطبة لجميع الناس؛ لأن الله تعالى غنيٌّ عن جميع الناس وهم فقراء إليه».
ثم ذكر اختلاف المفسرين من أهل السنة في معنى: {ولا يَرْضى لِعِبادِهِ الكُفْرَ} على قولين: الأول: أن «الرضى بمعنى الإرادة، والكلام ظاهره العموم، ومعناه: الخصوص فيمن قضى الله له بالإيمان وحَتَمَه له». ثم وجَّهه بقوله: «فعباده -على هذا- ملائكته ومؤمنو البشر والجن، وهذا يتركَّب على قول ابن عباس». الثاني: «الكلام عموم صحيح، والكفر يقع ممن يقع بإرادة الله تعالى، إلا أنه بعد وقوعه لا يرضاه دينًا لهم». ثم وجَّهه بقوله: «وهذا يتركَّب على الاحتمال الذي تقدم آنفًا».
_________
(¬١) تفسير مقاتل بن سليمان ٣/ ٦٧١.
(¬٢) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ١٦٨، والبيهقي في الأسماء والصفات (٣٢٣). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(¬٣) عزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد.
(¬٤) عزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد.
(¬٥) تفسير البغوي ٧/ ١٠.
(¬٦) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ١٦٩.

الصفحة 183