كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 19)

٦٦٣٩٨ - عن إسماعيل بن أبي خالد -من طريق شعبة- في قوله: {عَجِّلْ لَنا قِطَّنا}، قال: رزقنا (¬١). (ز)

٦٦٣٩٩ - عن محمد بن السائب الكلبي: {وقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الحِسابِ} قالوا ذلك حين ذكر الله في كتابه: فمن أوتي كتابه بيمينه، ومن أوتي كتابه بشماله. والقِط: الصحيفة المكتوبة (¬٢). (ز)

٦٦٤٠٠ - قال مقاتل بن سليمان: {وقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا} وذلك أنّ الله - عز وجل - ذكر في الحاقة: أنّ الناس يُعْطَون كُتُبَهم بأيمانهم وشمائلهم، فقال أبو جهل: {عَجِّلْ لَنا قِطَّنا} يعني: كتابنا الذي تزعم أنّا نعطى في الآخرة فعَجِّله لنا {قَبْلَ يَوْمِ الحِسابِ} يقول ذلك تكذيبًا به (¬٣) [٥٥٤٤]. (ز)
---------------
[٥٥٤٤] اختلف السلف في قوله: {عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب} على أقوال: الأول: أنهم سألوا ربهم تعجيل حظهم من العذاب الذي أعد لهم في الآخرة في الدنيا. الثاني: أنهم سألوا ربهم تعجيل أنصبائهم ومنازلهم من الجنة حتى يروها فيعلموا حقيقة ما يعدهم محمد - صلى الله عليه وسلم - فيؤمنوا حينئذ به ويصدقوه. الثالث: أنّ مسألتهم نصيبهم من الجنة، ولكنهم سألوا تعجيله لهم في الدنيا. الرابع: أنهم سألوا ربهم تعجيل الرزق. الخامس: سألوا أن يعجل لهم كتبهم في الدنيا، لينظروا بأيمانهم يعطونها أم بشمائلهم؟ استهزاء منهم بالقرآن وبوعد الله.
ورجّح ابنُ جرير (٢٠/ ٣٩) مستندًا إلى اللغة، والسياق، ودلالة العقل: أنهم إنما سألوا ربَّهم تعجيلَ حظوظهم مِن الخير أو الشر على وجه الاستهزاء بوعيد الله، وعلَّل ذلك بقوله: «وإنما قلنا إن ذلك كذلك لأنّ القِطَّ هو: ما وصفت من الكتب بالجوائز والحظوظ، وقد أخبر الله عن هؤلاء المشركين أنهم سألوه تعجيل ذلك لهم، ثم أتبع ذلك قولَه لنبيه: {اصبر على ما يقولون}، فكان معلومًا بذلك أن مسألتهم ما سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - لو لم تكن على وجه الاستهزاء منهم لم يكن بالذي يتبع الأمر بالصبر عليه، ولكن لما كان ذلك استهزاء، وكان فيه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذًى؛ أمره الله بالصبر عليه حتى يأتيه قضاؤه فيهم، ولما لم يكن في قوله: {عجل لنا قطنا} بيان أيِّ القطوط أراد بهم، لم يكن لنا توجيه ذلك إلى أنه معنيٌّ به القطوط ببعض معاني الخير أو الشر، فلذلك قلنا إنّ مسألتهم كانت بما ذكرت من حظوظهم من الخير والشر».
ووافقه ابنُ عطية (٧/ ٣٣٠) مستندًا إلى التاريخ، ودلالة العقل، فقال عَقِب ذكره الأقوال في الآية: «وعلى كل تأويل فكلامُهم خرج على جهة الاستخفاف والهزء، ويدل على ذلك ما علم مِن كفرهم واستمر، ولفظ الآية يعطي إقرارًا بيوم الحساب».
وذكر ابنُ كثير (١٢/ ٧٨) ترجيحَ ابن جرير، وعلّق عليه قائلًا: «وهذا الذي قاله جيِّد، وعليه يدور كلام الضحاك وإسماعيل بن أبي خالد».
_________
(¬١) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٣٩.
(¬٢) ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير بن أبي زمنين ٤/ ٨٤ - ، وقال عقبه: أي: عجِّل لنا كتابنا الذي يقول محمد حتى نعلم أبأيماننا نأخذ كتبنا أم بشمائلنا؛ إنكارًا لذلك واستهزاء.
(¬٣) تفسير مقاتل بن سليمان ٣/ ٦٣٨.

الصفحة 31