كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 19)

٦٦٥١١ - عن عبد الله بن عباس -من طريق خليفة-: أنّ داود حدَّث نفسه: إن ابتُلي أن يعتصم. فقيل له: إنك ستُبتلى، وستعلم اليومَ الذي تُبتَلى فيه، فخذ حِذْرَك. فقيل له: هذا اليوم الذي تُبتَلى فيه. فأخذ الزبور، ودخل المحراب، وأغلق باب المحراب، وأخذ الزبور في حِجره، وأقعد مِنصَفًا (¬١) على الباب، وقال: لا تأذن لأحد عَلَيَّ اليومَ. فبينما هو يقرأ الزبور إذ جاء طائر مُذهَّب كأحسن ما يكون الطير، فيه مِن كل لون، فجعل يَدرُج بين يديه، فدنا منه، فأمكن أن يأخذه، فتناوله بيده ليأخذه، فاستوفزه (¬٢) من خلفه، فأطبق الزبور، وقام ليأخذه، فطار فوقع على كُوَّة المحراب، فدنا منه ليأخذه، فأقض (¬٣)، فوقع على حصن، فأشرف عليه لينظر أين وقع، فإذا هو بامرأةٍ عند بِرْكتها تغتسل من الحيض، فلمّا رأت ظِلَّه حرَّكت رأسها، فغطَّت جسدها أجمعَ بشعرها، وكان زوجُها غازيًا في سبيل الله، فكتب داودُ إلى رأس الغزاة: انظر أوريا، فاجعله في حَمَلة التابوت. وكان حَمَلةُ التابوت إما أن يُفتح عليهم، وإما أن يُقتلوا، فقدَّمه في حملة التابوت، فقُتل، فلما انقضت عِدُّتها خطبها داود، فاشترطت عليه إن ولدت غلامًا أن يكون الخليفة من بعده، وأشهدت عليه خمسين من بني إسرائيل، وكتبتْ عليه بذلك كتابًا، فما شعر بفتنته أنه فُتن حتى ولدت سليمان وشبَّ، فتسوَّر عليه الملكان المحراب، فكان شأنهما ما قصَّ الله في كتابه، وخرَّ داود ساجدًا، فغفر الله له، وتاب عليه (¬٤). (١٢/ ٥٢٤)

٦٦٥١٢ - عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية العوفي- في قوله: {وهَلْ أتاكَ نَبَأُ الخَصْمِ إذْ تَسَوَّرُوا المِحْرابَ}، قال: إنّ داود قال: يا رب، قد أعطيتَ إبراهيم وإسحاق ويعقوب مِن الذِّكر ما لو وددتُ أنك أعطيتني مثله. قال الله - عز وجل -: إنِّي ابتليتُهم بما لم أبتلِك به، فإن شئتَ ابتليتُك بمثل ما ابتليتُهم به، وأعطيتُك كما أعطيتُهم. قال: نعم. قال له: فاعمل حتى أرى بلاءَك. فكان ما شاء الله أن يكون، وطال ذلك
---------------
(¬١) المِنصف -بكسر الميم، وقد تفتح-: الخادم. النهاية (نصف).
(¬٢) استوفز الرجل في قعدته: انتصب غير مطمئن، أو استقل على رجليه ولما يستو قائمًا، وقد تهيأ للوثوب. التاج (وفز).
(¬٣) انقض الطائر وتقضَّض وتقضّى: هوى في طيرانه يريد الوقوع. اللسان (قضض).
(¬٤) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ١١/ ٥٤٤ - ٥٥٦. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.

الصفحة 49