كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 19)

تخفى، وبطنت فلا تحصى، فلك الحمد، إلهي، تجود بالكثير، وتلطف بالصغير، لم تسلمني بذنوبي فلك الحمد، تغفر الذنوب، وتستجيب الدعاء، فلك الحمد، إلهي، لم تسلمني بجريرتي، فلك الحمد، ولم تخذلني بخطيئتي، فلك الحمد، فتَمِّم -إلهي- نعمتك عليَّ، واغفر لي ما سلف، {وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي}. فذلك قوله: {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب} (¬١). (ز)

٦٦٧٣٧ - عن الحسن البصري -من طريق قتادة- قال: وُلِد له ابنٌ به عاهة، قد كسرته الرياح -ولم يقل: شِقُّ إنسان-. قال: فأُعجب به سليمان، ولم يكن له ولد ذكر. قال: فخاف عليه الموت وآفات الأرض، فطلب له الرضاع، فجاءت الإنس، فطلبوا الرضاع، فأبى، وجاءت الجن، فطلبوه، فأبى، وجاءت السحاب فطلبت، فقال: كيف ترضعيه؟ قالت: أحتمله بين السماء والأرض، وأربيه بماء المزن. قال: فدعا الريح، فقال لها: كوني مع السحاب في كفالة هذا الولد. فقالت: أفعلُ. قال: فمهدوا لابن سليمان على السحاب، ثم صار السحاب مِن فوقه كهيئة القبة، وجعل معه وصيفةً تُناغيه، ثم أمر الريحَ أن تحمله، فحملته، فكانت السحاب تنحدر به كل يوم مرتين غدوة وعشية إلى أمه، ترضعه وتغسله وتطيبه، ثم تضعه في السحاب، فتحمله الريحُ بين السماء والأرض، فكانت إذا حنَّت إليه أو أراده سليمان تكلما أو أحدهما، فتحمل الريح كلامهما إلى السحاب، فتنقض السحاب به إليهما حتى ينظرا إليه، ثم يأمر سليمان - عليه السلام - بردِّه إلى موضعه، وإنما فعل ذلك شفقة عليه، قال: فأمر الله ملكَ الموت بقبض روحه، فقبضه، ثم قال للسحاب: أرسليه، فإنك تكفَّلت به وهو حي. فأرسلته، فوقع على كرسيه مَيِّتًا، فذلك قوله - عز وجل -: {ولقد فتنا سليمان والقينا على كرسيه جسدا} (¬٢). (ز)

٦٦٧٣٨ - عن وهب بن مُنَبِّه -من طريق محمد بن إسحاق- قال: سمع سليمان - عليه السلام - بمدينة في جزيرة من جزائر البحر يُقال لها: صيدون، بها ملِك عظيم الشأن، لم يكن للناس إليه سبيلًا لمكانه في البحر، وكان اللهُ قد آتى سليمانَ في مُلكه سلطانًا لا يمتنع عليه شيء في بر ولا بحر، إنما يركب إليه الريح، فخرج إلى تلك المدينة تحمله الريحُ على ظهر الماء، حتى نزل بها بجنوده مِن الجن والإنس، فقَتَل مَلِكَها،
---------------
(¬١) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٢٢/ ٢٥١.
(¬٢) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٢٢/ ٢٤٢.

الصفحة 97