كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 19)

بغير اذنه فعقره الكلب لم يجب ضمانه لما ذكرناه، وان استدعاه للدخول ولم يعلم بالبئر والكلب فوقع فيها أو عقره الكلب ومات فهو كما لو قدم إلى غيره طعاما مسموما فأكله على قولين.
وقد مضى دليلهما.
فأما إذا حفرها في ملك غيره فان كان بإذنه لم يجب عليه ضمان من يقع فيها، لانه غير متعد بالحفر، وان حفرها بغير اذنه وجب عليه ضمان من يقع فيها لانه متعد بالحفر فان أبرأه صاحب الملك عن ضمان من يقع فيها فهل يبرأ: فيه وجهان، أحدهما لا يبرأ لانه متعد بالحفر، فان أبرأه صاحب الملك عن ضمان من يقع فيها فهل يبرأ؟ فيه وجهان.

(أحدهما)
لا يبرأ لانه أبرأ عما لم يجب
(والثانى)
ببرأ كما لو أذن له في حفرها قال أبو على الطبري، فان قال صاحب الملك: كان حفرها بإذنى لم يصدق خلافا لابي حنيفة ووفاقا لقول أحمد.
وان حفرها في طريق المسلمين، فإن كان ضيقا وجب عليه ضمان من يقع فيها لانه تعدى بذلك، وسواء أذن له الامام في ذلك أو لم يأذن لانه ليس للامام أن يأذن له فيما فيه ضرر على المسلمين.
وان كان الطريق واسعا لا يستضر المسلمون بحفر البئر فيه كالطريق في الصحارى، فإن حفرها بإذن الامام لم يجب عليه ضمان من يقع فيها، سواء حفرها لينتفع بها أو لينتفع بها المسلمون، لان للامام أن يقطع من الطريق إذا كان واسعا، كما له أن يقطع
من الموات.
وكذلك ان حفرها بغير اذن الامام فأجاز له الامام ذلك سقط عنه الضمان.
وقال أحمد وأصحابه: ان كان الطريق واسعا فحفر في مكان منها ما يضر بالمسلمين فعليه الضمان.
وان حفر في موضع لا ضرر فيه نظرنا، فإن حفرها لنفسه ضمن ما تلف بها، سواء حفرها بإذن الامام أو غير اذنه.
قالوا لانه تلف بحفر حفرة في حق مشترك بغير اذن أهله لغير مصلحتهم فضمن، كما لو لم يأذن له الامام بخلاف الحفر.
ولنا أنه ان حفرها بإذن الامام لم يضمن لان للامام أن يأذن في الانتفاع بما لا ضرر فيه بدليل أن هـ يجوز له أن يأذن في اشغال جانبيه، ويقطع من طوارينه لمن يشاء ممن يتعاطون البيع والشراء

الصفحة 19