كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 19)

كانت فيها المهادنة بين رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وبين كفار قريش، فأهدت إلى أسماء بنت أبي بكر قرطاً وأشياء، فكرهت أن تقبل منها حتى أتت رسول الله فذكرت ذلك له، فأنزل الله تعالى: {لاَّ يَنْهَاكُمُ الله عَنِ الذين لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدين} ذكر هذا الخبر الماوردي وغيره، وخرجه أبو داود الطَّيالسي في مسنده.
قوله: {أَن تَبَرُّوهُمْ} وقوله: {أَن تَوَلَّوْهُمْ} بدلان من الذين قبلهما بدل اشتمال، فيكون في موضع جرّ.
والمعنى: لا ينهاكم الله عن أن تبروا هؤلاء الذين لم يقاتلوكم، إنما ينهاكم عن تولي هؤلاء وهم خزاعة، صالحوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على ألاَّ يقاتلوه ولا يعينوا عليه أحداً، فأمر ببرهم والوفاء لهم إلى أجلهم. حكاه الفرَّاء.
وقوله: {وتقسطوا إِلَيْهِمْ} . أي: تعطوهم قسطاً من أموالكم على وجه الصلة، وليس يريد به من العدل، فإن العدل واجب فيمن قاتل وفيمن لم يقاتل، قاله ابن العربي.
فصل في نفقة الابن المسلم على أبيه الكافر.
نقل القرطبي عن القاضي أبي بكر في كتاب «الأحكام» له: أن بعض العلماء استدلّ بهذه الآية على وجوب نفقة الابن المسلم على أبيه الكافر، قال: وهذه وهلة عظيمة، إذ الإذن في الشيء، أو ترك النهي عنه لا يدل على وجوب، وإنما يعطي الإباحة خاصة؛ وقد بيَّنَّا أنَّ القاضي إسماعيل بن إسحاق دخل عليه ذمي فأكرمه، فأخذ عليه الحاضرون في ذلك، فتلا هذه الآية عليهم «.
قوله تعالى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ الله عَنِ الذين قَاتَلُوكُمْ فِي الدين} أي: جاهدوكم على الدين

الصفحة 21