كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 19)

أقَامَ مع مُشركٍ بدارِ الحَرْبِ لا تَراءَى نَاراهُما «قالوا: فهذا ناسخ لرد المسلمين إلى المشركين، إذ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد برىء ممن أقام معهم في دار الحرب. ومذهب مالك والشافعيِّ أن هذا الحكم غير منسوخ.
قال الشافعي: وليس لأحد هذا العقد إلا الخليفة أو [رجل] يأمره، فمن عقد غير الخليفة هذا العقد فهو مردود.
قوله: {الله أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} .
هذه الجملة فائدتها بيان أنه لا سبيل لكم إلى ما تطمئن به النفس ويثلج الصدر من الإحاطة بحقيقة إيمانهن، فإن ذلك مما استأثر الله به.
قاله الزمخشري.
أي: هذا الامتحان لكم، والله أعلم بإيمانهن، لأنه متولي السرائر، وسمَّى الظن الغالب في قوله: {عَلِمْتُمُوهُنَّ} علماً لما بينهما من القرب كما يقع الظَّن موقعه، وتقدم ذلك في البقرة.
قوله: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} .
أي: بما يظهرن من الإيمان.
وقيل: أي: علمتموهن مؤمنات قبل الامتحان {فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكفار لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ} وقوله: {وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} تأكيد للأول لتلازمهما.
وقيل: أراد استمرار الحكم بينهم فيما يستقبل كما هو في الحال ما داموا مشركين وهن مؤمنات.
فصل في معنى الآية
معنى الآية: لم يحل الله مؤمنة لكافر، وهذا أول دليل على أنَّ الذي أوجب فرقة المسلمة من زوجها الكافر إسلامها لا هجرتها.
وقال أبو حنيفة: الذي فرق بينهما هو اختلاف الدَّارين.
والصحيح الأول؛ لأن الله - تعالى - بين العلّة، وهو عدم الحل بالإسلام لا باختلاف الدار.
قوله: {وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ} .

الصفحة 25