كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 19)

فقال أبو علي: أليس يقال: طائفة كافرة وفرقة كافرة؟ .
قال أبو عليٍّ: فبهت، وقلت: هذا تأييد إلهي.
قال شهاب الدين: وإنما أعجب بقوله لكونه معتزلياً، والحق أنه لا يجوز كافرة وصفاً للرجال إلا أن يكون الموصوف مذكوراً، نحو: هذه طائفة كافرة، أو في قوّة المذكور، أما أن يقال: طائفة باعتبار الطائفة غير المذكورة، ولا في قوة المذكورة بل لمجرد الاحتمال، ويجتمع جمع «فَاعِلَة» فهذا لا يجوز، وقول الفارسي: «لا يَرَونَ هذا إلا في النِّساءِ» فهذ يصح ولكنه الغالب، وقد يجمع «فاعل» وصف المذكر العاقل على «فواعل» وهو محفوظ نحو: «فوارس ونواكس» .
فصل في المراد بالآية
قال النخعي: المراد بالآية: المرأة المسلمة تلحق بدار الحرب، فتكفر، وكان الكفار يتزوجون المسلمات، والمسلمون يتزوجون المشركات، ثم نسخ ذلك بهذه الآية، فطلق عمر بن الخطاب حينئذ امرأتين ب «مكة» مشركتين: قريبة بنت أبي أمية، فتزوجها معاوية بن أبي سفيان، وهما على شركهما ب «مكة» ، وأم كلثوم بنت عمرو الخزاعية أم عبد الله بن المغيرة، فتزوجها أبو جهم بن حذافة، وهما على شركهما، فلما ولي عمر، قال أبو سفيان لمعاوية: طلق قريبة، لئلا يرى عمر صلبه في بيتك، فأبى معاوية، وكانت عند طلحة بن عبيد الله أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، ففرق الإسلام بينهما، ثم تزوَّجها في الإسلام خالد بن سعيد بن العاص، وكانت ممن فرت إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من نساء الكفار فحبسها، وتزوجها خالد بن سعيد بن العاص بن أمية.
وقال الشعبيُّ: كانت زينب بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، امرأة أبي العاص بن الربيع، أسلمت ولحقت بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وأقام أبو العاصِ ب «مكة» مشركاً، ثم أتى «المدينة» ، فأسلم، فردها عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
وروى أبو داود عن عكرمة عن ابن عبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: رد رسول الله ابنته زينب على أبي العاص بالنكاح الأول، لم يحدث شيئاً.
قال محمد بن عمر في حديثه: بعد ست سنين.
وقال الحسنُ بن عليٍّ: بعد سنتين.
قال أبو عمر: فإن صح هذا، فلا يخلو من وجهين:

الصفحة 28