كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 19)

وقيل: فعاقبتم المرتدة بالقتل.
وقال قتادة أيضاً: وإن فاتكم شيء من أزواجكم، إلى الكفار، الذين ليس بينكم وبينهم عهد، فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا، ثم نسخ هذا في سورة براءة.
وقال الزهريُّ: انقطع هذا يوم الفتح.
وقال سفيان الثوري: لا يعمل به اليوم.
وقال قوم: هو ثابت الحكم الآن أيضاً. حكاه القشيري.
فصل
قال القرطبي: الآية نزلت في أم الحكم بنت أبي سفيان، ارتدت وتركت زوجها عياض بن غنم الفهري، ولم ترتد امرأة من قريش غيرها، ثم عادت إلى الإسلام.
وقال البغويُّ: روي عن ابن عبَّاسٍ قال: لحق بالمشركين من نساء المؤمنين المهاجرات، ست نسوة: أم الحكم بنت أبي سفيان، وكانت تحت عياض بن شداد الفهري، وفاطمة بنت أبي أمية بن المغيرة، كانت تحت عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، فلما أراد عمر أن يهاجر أبت وارتدت، وبروعُ بنت عقبة، وكانت تحت شماس بن عثمان، وغرة بنت عبد العزيز بن نضلة، وزوجها عمرو بن عبد ودّ، وهند بنت أبي جهل بن هشام كانت تحت هشام بن العاص بن وائل، وأم كلثوم بنت جرول، وكانت تحت عمر بن الخطاب، فلما رجعن إلى الإسلام، أعطى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أزواجهن مهور نسائهم من الغنيمة.
فصل في رد مهر من أسلمت
اختلفوا في رد مهر من أسلمت من النساء إلى أزواجهن، هل كان واجباً، أو مندوباً؟ وأصله أن الصلح هل كان قد وقع على رد النساء؟ على قولين:
أحدهما: أنه وقع على رد الرجال، والنساء جميعاً، لما روي من قولهم: لا يأتيك منا أحد، إلا رددته، ثم صار الحكم في رد النساء منسوخاً بقوله: {فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكفار} ، فعلى هذا كان رد المهر واجباً.
والثاني: أن الصلح لم يقع على ردّ النساء؛ لأنه روي أنه لا يأتيك منَّا رجل، وإن كان على دينك إلا رددته، وذلك؛ لأن الرجل لا يخشى عليه من الفتنة في الرد ما يخشى على المرأة من إصابة المشرك إياها، وأنه لا يؤمن عليها الردة إذا خوفت، وأكرهت

الصفحة 34