كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 19)

والثاني: أنها حال من» لا تُبْقِي «.
والثالث: من» لا تَذرُ «.
وجعل الزمخشري: نصبها على الاختصاص للتهويل.
وجعلها أبو حيان حالاً مؤكدة.
قال:» لأن النار التي لا تبقي ولا تذر، لا تكون إلاَّ مُغيرة للأبشار «.
و» لوَّاحةٌ «هنا مبالغة، وفيها معنيان:
أحدهما: من لاح يلوح، أي: ظهر، أي: أنها تظهر للبشر، [وهم الناس، وإليه ذهب الحسن وابن كيسان، فقال:» لوَّاحةٌ «أي: تلوح للبشر] من مسيرة خمسمائة عام، وقال الحسن: تلوح لهم جهنم حتى يرونها عياناً، ونظيره:
{وَبُرِّزَتِ الجحيم لِمَن يرى} [النازعات: 36] .
والثاني: وإليه ذهب جمهور الناس، أنها من لوّحه أي: غيَّرهُ، وسوَّدهُ.
قال الشاعر: [الرجز]
4965 - تقُولُ: ما لاحَكَ يا مُسَافِرُ ... يَا بْنَةَ عَمِّي لاحَنِي الهَواجِرُ
وقال رؤبة بن العجَّاج: [الرجز]
4966 - لُوِّحَ مِنْهُ بَعْدَ بُدْنٍ وسَنَقْ ... تَلْويحكَ الضَّامرَ يُطْوى للسَّبَقْ
وقال آخر: [الطويل]
4967 - وتَعْجَبُ هِنْدٌ إنْ رأتْنِي شَاحِباً ... تقُولُ لشَيءٍ لوَّحتهُ السَّمائمُ
ويقال: لاحَهُ يلُوحُه: إذا غير حليته.
قال أبو رزين: تلفح وجوههم لفحة تدعهم أشد سواداً من الليل، قال تعالى: {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} [المؤمنون: 104] .
وطعن القائلون بالأول في هذا القول، فقالوا: لا يجوز أن يصفهم بتسويد الوجوهِ، مع قوله: {لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ} .

الصفحة 517