كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 19)

وعن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما» إنها «أي إن تكذيبهم بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ» لإحْدَى الكُبَر «أي: الكبيرة من الكبائر.
قوله: {نَذِيراً} . فيه أوجه:
أحدها: أنه تمييز من» إحدى «لما ضمنت معنى التعظيم، كأنه قيل: أعظم الكبر إنذاراً، ف» نذير «بمعنى» الإنذار «كالنكير بمعنى الإنكار، كأنه قيل: إنها لإحدى الدواهي إنذاراً، ومثله: هي إحدى النساء عفافاً.
الثاني
: أنه مصدر بمعنى الإنذار أيضاً ولكنه نصب بفعل مقدَّر، قاله الفراء.
الثالث: أنه «فعيل» بمعنى «مُفْعِل» وهو حال من الضمير في «إنها» . قاله الزجاج، وذُكِّرَ لأن معناه معنى العذاب أو أراد أنَّها «ذات إنذارٍ» على معنى النسب، كقولهم: امرأة طالق وطاهر.
قال الحسن رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: والله ما أنذرَ الخلائق بشيءٍ أدهى منها.
الرابع: أنه حال من الضمير في «إحدى» لتأويلها بمعنى العظم.
الخامس: أنه حال من فاعل «قُمْ» أول السورة، والمراد بالنذير: محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أي: قُمْ نذيراً للبشر، أي: مخوفاً لهم. قاله أبو علي الفارسي.
وروي عن ابن عباس، وأنكره الفراء.
قال ابن الأنباري: قال بعض المفسرين: معناه يا أيُّها المدثِّر، قُم نذيراً للبشر، وهذا قبيح لطول ما بينهما.
السادس: أنه مصدر منصوب ب «أنذِر» أول السورة، كأنه قال: إنذاراً للبشر.
قال الفراء: يجوز أن يكون النذير بمعنى الإنذار، أي: أنذر إنذاراً، فهو كقوله تعالى: {كَيْفَ نَذِيرِ} [الملك: 17] . أي: إنذاري، فعلى هذا يكون راجعاً إلى أول السورة.
السابع: هو حالٌ من «الكُبَر» .
الثامن: حالٌ من ضمير «الكُبَرِ» .
التاسع: أنه منصوب بإضمار «أعني» .
العاشر: أنه حال من «لإحدى» . قاله ابن عطية.
الحادي عشر: أنَّه منصوب ب «ادع» مقدَّراً، إذ المراد به الله تبارك وتعالى.
روى أبو معاوية الضرير: حدثنا إسماعيل بن سميع عن أبي رزين: «نذيراً للبشر» ، قال: يقول الله عَزَّ وَجَلَّ: أنا لكم منها نذير فاتقوها.

الصفحة 529