كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 19)

السؤال وفي الآية إشارة إلى هذا، لأنه سبحانه أقسم بالنفس اللوامة، ثم قال تعالى جل ذكره: {أَيَحْسَبُ الإنسان أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ} ، وهو تصريح بالفرق بين النفس والبدن.
الثاني: سلَّمنا أنَّ الإنسان هو هذا البدن، لكنه سبحانه عالم بالجزئيات، فيكونُ عالماً بالجزء الذي هو بدن زيدٍ، وبالجزء الذي هو بدن عمرو، وهو - تعالى - قادر على كلِّ الممكنات، فيلزم أن يكون قادراً على تركيبها ثانياً، فزال الإشكال وأما إنكار البعث بناءً على الشَّهوةِ فهو قوله تعالى: {بَلْ يُرِيدُ الإنسان لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} .
ومعناه أن الإنسان الذي يميل طبعه للشَّهوات واللَّذات والفكرةُ في البعث تنغصها عليه فلا جرم ينكره.
قوله تعالى: {فَإِذَا بَرِقَ البصر} . قرأ نافع وأبان عن عاصم: بَرَق بفتح الراء.
والباقون: بالكسر.
فقيل: لغتان في التحيُّر والدهشة، ومعناه لمع بصره من شدَّة شخوصه، فتراه لا يطرف.
وقيل: بَرِق - بالكسر - تحيَّر فزعاً.
قال الزمخشري: «وأصله من بَرِق الرجل إذا نظر إلى البرقِ فدُهِش بصرهُ» .
قال غيره: كما يقال: أسد وبقر، إذا رأى أسداً وبقراً كثيراً فتحيّر من ذلك.
قال ذو الرمة: [الطويل]
4986 - وكُنْتُ أرَى في وجْهِ ميَّةَ لمْحعةً ... فأبْرَقُ مَغْشِياً عَليَّ مَكانِيَا
وأنشد الفراء رَحِمَهُ اللَّهُ: [المتقارب]
4987 - فَنفْسَكَ فَانْعَ ولا تَنْعَنِي ... ودَاوِ الكُلُومَ ولا تَبْرقِ
أي: لا تفزع من كثرة الكلوم التي بك.
و «بَرَق» بالفتح: من البريق، أي: لمع من شدَّة شُخُوصه.

الصفحة 550