كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 19)

قال مكي: «لو جاء هذا لجاز: نظرت إلى زيد، بمعنى: نظرت إلى عطاء زيد، وفي هذا نقض لكلام العرب وتخليط في المعاني» .
ونضَره الله ونضَّره، مخففاً ومثقلاً، أي: حسنه ونعمه.
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «نَضَّر اللَّهُ أمْرأً سَمِعَ مَقالَتِي فوَعَاهَا، فأدَّاهَا كما سَمِعهَا» يروى بالوجهين.
ويقال للذهب: نُضَار من ذلك، ويقال له: النضر أيضاً.
ويقال: أخضر ناضر كأسود حالك، وقدح نضار: يروى بالإتباع والإضافة.
والعامة: «ناضرة» بألف، وقرأ زيد بن علي: «نضرة» بدونها، ك «فرح» فهو فرح.
فصل في الرؤية.
روى مسلم في قوله تعالى {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى} [يونس: 26] كان ابن عمر يقول: أكرم أهل الجنة على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية، ثم تلى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} .
وقال عكرمة: تنظر إلى ربها نظراً، وحكى الماوردي عن ابن عمر وعكرمة ومجاهد: تنظر أمر ربها، وليس معروفاً إلا عن مجاهد وحده.
وجمهور أهل السُّنَّة تمسك بهذه الآية لإثبات أن المؤمنين يرون الله - سبحانه وتعالى - يوم القيامة وأما المعتزلة فاحتجوا بقوله تعالى: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأبصار} [الأنعام: 103] ، ويقولون: النظر المقرون ب «إلى» ليس اسماً للرؤية، بل لمقدمة الرؤية، وهي تقليب الحدقة نحو المرئي التماساً لرؤيته، ونظر العين بالنسبة إلى الرؤية كنظر القلب بالنسبة إلى المعرفة، وكالإصغاء بالنسبة إلى السمع ويدل على ذلك قوله تعالى: {وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ}
[الأعراف: 198] فأثبت النظر حال عدم الرؤية، ويقال: نظر إليه شزراً، ونظر إليه غضبان ونظر راضياً، ولا يقال ذلك في الرؤية،

الصفحة 565