كتاب تاريخ بغداد وذيوله ط العلمية (اسم الجزء: 19)

من أراد الملك والراحة من هم طويل ... فليكن فردا من الناس ويرضى بالقليل
ويرى أن قليلا نافعا غير قليل ... ويرى بالحزم أن الحزم في ترك الفضول
ويداوى [ ... ] [1] بالوحدة بالصبر الجميل ... لا يماري أحدا ما عاش في قال وقيل
يلزم الصمت فإن الصمت تهذيب العقول ... يذر الكبر لأهليه ويرضى بالخمول
أيّ عيش لأمرى يصبح في حال ذليل ... بين قصد من عدو ومداراة جهول
واعتلال من صديق ونحن من ملول ... واحتراس من عدو السوء أو عذل عذول
ومماشاة بغيض ومقاساة ثقيل ... إن من معرفة الناس على كل سبيل
وتمام الأمر لا يعرف سمحا من بخيل ... فإذا أكمل هذا كان في ملك جليل
قرأت على أبي الفتوح داود بن معمر القرشي بأصبهان، عن أبي الفضل بن ناصر، وأخبرنا شهاب الحاتمي بهراة، أنشدنا أَبُو سعد بْن السمعاني، أنشدنا أبو الفضل بن ناصر، أنشدنا أبو الثناء بن يلدرك صديقنا لنفسه:
ومدلّه علق الغرام يقلبه ... فمواقد النيران من نيرانه
إن جن ليل جن لاعج حبه ... أو مد سبل كان من أجفانه
عذب العذاب من الهوى بمذاقه ... وحلا مرير الجور من سلطانه
يرتاح ما حدر الرياح لثامه ... أو ناح قمري على أغصانه
ما لج عاذله عليه بعذله ... إلا ولج عليه في عصيانه
بغداد موطنه ولكن الهوى ... نجد وأين هواه من أوطانه
لو كان قيس العامري بعصره ... دعى الخلى من الهوى لعنانه
أنبأنا أبو بكر الجيلي، عن مُحَمَّد بن ناصر قال: أنشدني الرئيس أبو الثناء علي بن يلدرك بن أرسلان الكاتب صديقنا لنفسه من قصيدة:
رقت حواشي الحب بعدك رقة ... غارت لها ببلادنا الصهباء
وحفت علينا بعد ذاك خشونة ... فكأنها التفريق والقرباء
وأنشدنا أبو الثناء بن يلدرك لنفسه:
وبتنا نسقاها بكف مهفهف ... كخديه بل خدي كالورد والورس
فأفواهنا عرت لها وأكفنا ... مشارقها والفجر من بيعة القس
أذاعتها الندمان خلف بروقنا ... بخديه ما يحكى به شقق الشمس
__________
[1] مكان النقط بياض في الأصل

الصفحة 205