كتاب تاريخ بغداد وذيوله ط العلمية (اسم الجزء: 19)

ولا أريد ثناء لا يصدقه فعلى ... ولا أرتضى في التهم بالتهم
لا تحسبي حسب الآباء مكرمة ... فمن يقصر عن غايات مجدهم
حسن الرجال بحسناهم وفخرهم ... بطولهم في المعالي لا بطولهم
ما غابني حاسدي إلا شرفت به ... فحاسدي منعم في زي منتقم
فالله يكلا حاسدي ما نعمهم ... عندي وإن وقعت من غير قصدهم
ينبهون على فضلي إذا كتبت ... صحيفتي في المعالي عنونت بهم
قرأت على أبي الكرم العباسي، عن محمد بن عبد الباقي، أنبأنا محمد بن أبي نصر الحميدي من كتابه، أنشدنا أحمد بن إبراهيم الكرجي، أنشدنا أبو الحسن التهامي لنفسه ببغداد:
هل الوجد إلا أن تلوح خيامها ... فتقضي بإهداء السلام ذمامها
وقفت [1] بها أبكي وترزم أينقى ... وتصهل أفراسي وتدعو حمامها
ولو بكت الورق الحمائم شجوها ... بعيني محا أطواقهن انسجامها
وفي كبدي أستغفر الله غلة ... إلى برد [2] يثنى عليه لثامها
وبرد رضاب سلسل غير أنه ... إذا شربته النفس زاد هيامها
فيا عجبا من غلة كلما ارتوت ... من السلسبيل العذب زاد اضطرامها
كأن بعيد النوم في رشفاتها ... سلاف رحيق رق منها مدامها
وتعبق رياها وأنفاسها معا ... كنافجة قد فض عنها ختامها
ولم أنسها يوم التقى در دمعها ... ودر الثنايا فذها وتوامها [3]
وقد بسمت عن ثغرها فكأنه ... قلائد در في العقيق انتظامها
وقد نثرت در الكلام بعتبها ... ولذ بسمعي عتبها وملامها
فلم أدر أي الدر أنفس قيمة ... أأدمعها أم ثغرها أم كلامها
وقد سفرت عن وجهها فكأنما ... تحسر عن شمس النهار جهامها
ومن حيثما دارت بطلعتها ترى ... لإشراقها في الحسن نورا تمامها
وألقت عصاها في رياض كأنما ... يفض عن المسك الفتق ختامها
وضاحكها نور الأقاحي فراقني ... تبسمه رأد الضحى وابتسامها
__________
[1] في الأصل: «ووقفت» .
[2] في الأصل: «برد» .
[3] في الأصل: «قدها وثوامها» .

الصفحة 40