كتاب تاريخ بغداد وذيوله ط العلمية (اسم الجزء: 19)

ولما حملوا السلاح كتب شفيع اللؤلؤي بالخبر إلى الخليفة، وعظمه، وزعم أنه [إن] [1] لم يقتلا لفل على رؤساء الدولة وغيرهم، فهاب ذلك السلطان وخاف الحجرية خوفا شديدا إلا أنه لم يثق بهم، فتقدم إلى نازوك فقتلهما في الدار التي بشط المحرم التي كان ينزلها ابن الفرات لما ولي الوزارة، ووجه برأسيهما إلى المقتدر في سفط، وغرق جسديهما عند بن ظاهر، ففعل ذلك شفيع ابن المقتدري، فقلت في ذلك:
ذلل الدهر عز [2] الفرات ... ورماهم بفرقة وشتات
ليت أن الفرات غدوا جميعا ... قبل ما قد رأوه في الأموات
فلعمري لراحة الموت خير ... من صغار وذلة في الحيات
لم يزالوا للملك أنجم عز ... وضياء فأصبحت كاسفات
قال: وقيل فيهم أيضا:
يا أيها اللحد الضنين بما له ... يحمي بتعطيب قليل نواله
أو ما رأيت ابن الفرات وقد أتى ... أدباره من بعد ما إقباله
أيام تطرقه السعادة بالمنى ... وينال ما يهواه من آماله
فحل من النعمى وأصبح يشتكي ... أقياده ألما إلى أغلاله
وكذا الزمان بأهله متقلب ... فاسمح بما أعطيت قبل زواله
ذكر القاضي أبو القاسم التنوخي: أن القاضي أبا جعفر أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن البهلول الأنباري التنوخي قال في ابن الفرات بعد عزله من وزارته الثالثة:
قل لهذا الوزير قول محق ... فيبثه النصح أيما [3] إبثاث
قد تقلدتها ثلاثا ثلاثا ... وطلاق البتات [4] عند الثلاث
قال: وكان الأمر على ما قاله، فإن ابن الفرات لم يعد بعد الوزارة الثالثة إلى النظر.
وقيل في محبسه لما قبض على ابن الفرات استتر ولده المحسن أياما، ثم ظهر عليه فقبض عليه وعذب بأنواع العذاب وضربت عنقه في يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة، وأحضر رأسه فألقي بين يدي أبيه، فارتاع
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «عن»
[3] في الأصل: «إنما» .
[4] في الأصل: «الثبات» .

الصفحة 75