كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 19)

وقوله: ({أَطْوَارًا}: طورًا كذا، وطورًا كذا) قال ابن عباس: نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، وقاله مجاهد (¬1)، وقيل: اختلاف المناظر والصحة والسقم من قولهم: جاز فلان طوره. أي خالف ما يجب أن يستعمله.
وقيل: أصنافا في ألوانكم ولغاتكم، وهو نحو الثاني، والأول أولى؛ لأن الطور في اللغة المرة، فالمعنى خلقكم مرارًا من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة (¬2).
ثم ساق البخاري أحاديث أربعة:
أحدها:
حديث عِمْرَانَ بْنِ الحُصَيْنٍ قَالَ: جَاءَ نَفَر مِنْ بَنِي تَمِيمِ إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "يَا بَنِي تَمِيمٍ، أَبْشِرُوا". فقَالُوا: بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنًا. فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَجَاءَهُ أَهْلُ اليَمَنِ، فَقَالَ: "يَا أَهْلَ اليَمَنِ، اقْبَلُوا البُشْرى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمِ". قَالُوا: قَبِلْنَا. فَأَخَذَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحَدِّثُ عن بَدْءِ الخَلْقِ وَالْعَرْشِ، فَجَاءً رَجُلٌ فَقَالَ: يَا عِمْرَانُ، رَاحِلَتُكَ تَفَلَّتَتْ. لَيْتَنِي لَمْ أَقُمْ.
ثم رواه من حديث عِمْرَانَ أيضًا وقال بعد قوله: "إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيم". قَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالُوا: جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ هذا الأَمْرِ. قَالَ: "كَانَ اللهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كلَّ شَيء، وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ". فَنَادى مُنَادٍ: ذَهَبَتْ نَاقَتُكَ يَا ابن الحُصَيْنِ. فَانْطَلَقْتُ فَإِذَا هِيَ يَقْطَعُ دُونَهَا السَّرَابُ، فَوَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ تَرَكْتُهَا.
¬__________
(¬1) رواه الطبري في "تفسيره" 12/ 251 (35012 - 35013) ورواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 255 عن قتادة.
(¬2) ذكرها الماوردي في "تفسيره" 6/ 102، وابن الجوزي 8/ 371.

الصفحة 13