كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 19)

وسبب غضبه لعله علم أولئك؛ لأنهم علقوا آمالهم بعاجل الدنيا دون الآخرة، نبه عليه ابن الجوزي.
والقائل (نسألك عن هذا الأمر): الأشعريون.
وقوله: (كان الله) إلى آخره، قال سعيد بن جبير: سألت ابن عباس على أي شيء كان الماء ولم يخلق سماء ولا أرضًا. فقال: على متن الريح (¬1). وذلك أن الله أول ما خلق اللوح والقلم والدواة، فقال للقلم: اكتب ما يكون، فكتب ذلك في الذكر، وهو اللوح المحفوظ.
وقيل: أول ما خلق الله القلم. وقيل: الدواة، فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، ثم خلق نون وبسط الأرض عليه فمادت، فخلق الجبال (¬2).
وقرأ ابن عباس: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)} (¬3) [القلم: 1] وكان خلق الأرض في يومين، ثم كان بين الدخان دخان، فخلق منه السماوات السبع في يومين، ثم دحى بعد ذلك الأرض وأنبت فيها أشجارها، وفجر أنهارها، وقدر معايشها، ووقت أقواتها فمادت. فقالت الملائكة: ما هي مستقرة لأهلها، فأصبحوا وقد أرست عليها الجبال، وكان ذلك كله في يومين، وذلك من قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [يونس: 3] وقوله: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 9] وقوله: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30)} الآية [النازعات: 30].
¬__________
(¬1) رواه عبد الرزاق 5/ 90 (9089)، وفي "تفسيره" 1/ 264 (1185)، ورواه الطبري في "التفسير" 7/ 6 (17998) والنحاس في "معاني القرآن" 3/ 332، والحاكم 2/ 337 وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
(¬2) رواه الطبري 12/ 175 (34528) والبغوي في "تفسيره" 8/ 185.
(¬3) "مختصر شواذ القرآن" لابن خالويه ص160، و"زاد المسير" 8/ 326، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي 18/ 223.

الصفحة 15