كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 19)

وقوله: ("نُشُرًا": متفرقة) (¬1). قال غيره: معنى {نُشُراً} أحيانًا بالسحاب التي فيها المطر الذي به الحياة، ونشرًا: جمع نشور، وروي عن عاصم: {بُشْرًا} كأنه جمع بشر. قال محمد اليماني: {بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [الأعراف: 57] أي: المطر. وقوله: {أَرْسَلَ الرِّيَاحَ} [الفرقان: 48] أكثر القراء يقرءون ما كان للعذاب بالإفراد، وما كان للرحمة بالجمع (¬2)، وفي الحديث أنه - عليه السلام - كان إذا هبت الريح يقول: "اللهم اجعلها رياحًا ولا تجعلها ريحا" (¬3).
وقيل: إنما كان هكذا؛ لأن ما يأتي للرحمة ثلاثة أرياح: الصبا، والشمال، والجنوب، والرابعة الدبور، ولا يكاد يأتين بمطر. فقيل لما يأتين بالرحمة: رياح؛ لهذا.
ثم ذكر فيه حديث ابن عَبَّاسٍ، عَنِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ". وقد سلف في الاستسقاء.
¬__________
(¬1) هو تفسير أبي عبيدة كما في "المجاز" 1/ 216. وهي بضم النون والشين قرأها الحرميان (نافع وابن كثير) وأبو عمرو وحجتهم أنها جمع نشور، ونشور بمعنى ناشر وهو بمعنى محيي، فجعل الريح ناشرة للأرض. أي: محيية لها. وفيها قراءات أخرى، انظر توجيهها في "الكشف عن وجوه القراءات" لمكي القيسي 1/ 465، "الحجة في القراءات" 4/ 37، 38.
(¬2) انظر القراءات فيها وتوجيهها في "الكشف عن وجوه القراءات" 1/ 270 - 271.
(¬3) رواه الشافعي في "مسنده" بترتيب السندي 1/ 175 (502)، وأبو يعلى في "مسنده" 4/ 341 (2456) والطبراني في "المعجم الكبير" 11/ 213 (11533) من حديث الحسين بن قيس، عن عكرمة، عن ابن عباس به. وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 135 (17126): فيه حسين بن قيس الملقب بحنش، وهو متروك، وبقية رجاله رجال الصحيح. وأنكره الطحاوي في "مشكل الآثار" 2/ 379 (138)، وضعفه الألباني في "الضعيفة" (4217).

الصفحة 48