وسيأتي في البخاري عن المغيرة قلت: يا رسول الله يقولون: إن معه جبل خبز ونهر ماء؟! قال: "هو أهون على الله من ذلك" (¬1)، وفي بعض الروايات: "فيخيل إليهم". وقد أسلفنا من طريق مسلم عن حذيفة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنا أعلم بما مع الدجال، معه نهران يجريان" (¬2) فالشارع علم حقيقة ذلك بخلافه هو فإنه قد لُبّس عليه وهو ما رجحه البيهقي. وقد أسلفنا ما روي أنه كان ساحرًا. وقد قيل: إن السحر من باب التخييل لا الحقيقة.
وقد قال تعال: {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ} وذكر عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: لقيت ابن صياد وإذا عينه قد طفت وهي خارجة فقلت: أنشدك بالله متى طفيت عينك؟ قال: لا أدري والرحمن، فقلت: كذبت لا تدري وهي في رأسك؟! قال: فمسحها ونخر ثلاثًا (¬3). والفرق بين النبي والمتنبي: أن المعجزة لا تظهر على يد المتنبي بخلاف النبي إذ لو كان كذلك للزم منه انقلاب دليل الصدق مع دليل الكذب وهو محال (¬4).
فصل:
تأول بعضهم قوله فيما مضى: "مكتوب بين عينيه كافر" فقال: معناه ما ثبت من سمته وشواهد عجزه وظهور نقصه.
ولو كان على ظاهره وحقيقته لاستوى في إدراك ذلك المؤمن والكافر، وهو عدول وتحريف عن حقيقة الحديث من غير موجب
¬__________
(¬1) البخاري (7122) كتاب الفتن، باب: ذكر الدجال.
(¬2) مسلم رقم (2934) كتاب الفتن، باب ذكر الدجال وصفته.
(¬3) "المصنف" 11/ 396 (20832).
(¬4) انظر "المفهم" 7/ 269.