ولكن يبعد هذا التأويل أن كل واحدة من العينين قد جاء وصفها في الرواية بمثل ما وصفت به الأخرى من العور (¬1).
وقال أبو عبد الله: ما تأوله القاضي صحيح وأن العور في العينين مختلف -كما بين في الروايات- فإن قوله: كأنها لم تخلق هو بمعنى الرواية الأخرى مطموس ممسوخ العين ليست بناتئة ولا جحراء، ووصف الآخرى بالمزج بالدم وذلك عيب لاسيما مع وصفها بالظفرة الغليظة التي عليها وهي جلدة غليظة تغشى البصر، وعلى هذا فقد يكون العور في العينين سواء؛ لأن الظفرة مع غلظها تمنع من الإدراك فلا تبصر شيئًا فيكون الدجال على هذا أو قريبًا منه إلا أنه جاء ذكر الظفرة في اليمنى في حديث سفينة (¬2)، وفي اليسرى في حديث سمرة (¬3) وهو يحتمل أن تكون كل عين عليها ظفرة، وفي حديث حذيفة "ممسوخ العين عليها ظفرة" (¬4)، وإذا كانت الممسوخة المطموسة عليها ظفرة فالتي ليست كذلك أولى، فتتفق الأحاديث.
¬__________
(¬1) "المفهم" 7/ 275.
(¬2) رواه أحمد 5/ 221 - 222، والطبراني 7/ 98 (6445) وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" 3/ 254. قال ابن كثير في "النهاية في الفتن" 1/ 138 - 139: إسناده لا بأس به ولكن في متنه غرابة ونكارة. وقال الهيثمي في "المجمع" 7/ 340: رجاله ثقات، وفي بعضهم كلامًا لا يضر.
(¬3) رواه أحمد 5/ 13 والطبراني في "الكبير" 7/ 220 (6918) (6919) من طرق عن قتادة، عن الحسن البصري، عن سمرة بن جندب قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 336: رواه الطبراني وأحمد ورجاله رجال الصحيح.
وقال الألباني في "قصة المسيح الدجال" ص97: إسناده صحيح لولا عنعنة الحسن البصري.
(¬4) سبق تخريجه.