كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 19)

لِكَابِرٍ عَنْ كَابِرٍ. فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ، وَأَتَى الأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ لَهُ: مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا، فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَيْهِ هَذَا, فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ. وَأَتَى الأَعْمَى فِي صُورَتِهِ, فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ وَتَقَطَّعَتْ بِيَ الحِبَالُ فِي سَفَرِي، فَلاَ بَلاَغَ الْيَوْمَ إِلاَّ بِاللهِ، ثُمَّ بِكَ أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي. فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللهُ بَصَرِي، وَفَقِيرًا فَقَدْ أَغْنَانِي، فَخُذْ مَا شِئْتَ، فَوَاللهِ لاَ أَجْهَدُكَ اليَوْمَ بِشَيْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ. فَقَالَ: أَمْسِكْ مَالَكَ، فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ، فَقَدْ - رَضِيَ اللهُ عَنْكَ - وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ». [6653 - مسلم: 2964 - فتح: 6/ 500]
ذكره من طريقين إلى عبد الرحمن بن أبي عمرة أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِنَّ ثَلَاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ: أقرع وأَبْرَصَ وَأَعْمَى بَدَا لله أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ .. " فساق الحديث بطوله.
ورواه في أحد طريقيه عن محمد. قال الجياني: لعله الذهلي (¬1). وكذا ساقه أبو نعيم من حديث محمد بن يحيى، وعلقه البخاري في الأيمان والنذور فقال: وقال عمرو بن عاصم: ثنا همام به (¬2).
وأبو عمرة بشير بن عمرو بن محصن بن عتيك بن عمرو بن مبذول بن مالك بن النجار، له صحبة، قتل بصفين مع عليٍّ (¬3) كما سبق.
ومعنى "بدا لله": سبق في علم الله، فأراد فعله وإظهاره في الخارج. وقيل: معناه: قضى الله أن يبتليهم. وفي مسلم: "أراد الله" (¬4). وقيل:
¬__________
(¬1) "تقييد المهمل" 3/ 1045.
(¬2) سيأتي برقم (6653) باب: لا يقول ما شاء الله وشئت.
(¬3) "الاستيعاب" 4/ 284 (3138)، "أسد الغابة" 6/ 230 (6129)، "الإصابة" 4/ 141، (814).
(¬4) "صحيح مسلم" (2964) كتاب الزهد والرقائق.

الصفحة 619