كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 19)

فَاسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ رَقِيَ هَذَا الْجَبَلَ اللَّيلَةَ. كَأَنَّهُ طَلِيعَةٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ. قَال سَلَمَةُ: فَرَقِيتُ تِلْكَ اللَّيلَةَ مَرَّتَينِ أَوْ ثَلاثًا. ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ. فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِظَهْرِهِ مَعَ رَبَاحٍ غُلامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَنَا مَعَهُ. وَخَرَجْتُ مَعَهُ بِفَرَسِ طَلْحَةَ. أُنَدِّيهِ مَعَ الظَّهْرِ. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَزَارِيُّ قَدْ أَغَارَ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَاسْتَاقَهُ أَجْمَعَ. وَقَتَلَ رَاعِيَهُ. قَال:
ــ
بنو لحيان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مخافة أن يبيت المشركون إياهم في الليل لكونهم نزلوا قربهم يقال: همني الأمر وأهمني بمعنى أي أغمني وأحزنني (فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن رقي) وصعد من باب رضي (هذا الجبل) الذي بينهم وبين بني لحيان (الليلة) أي في هذه الليلة (كأنه طليعة) ومراقبة (للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه) والطليعة من يتطلع على العدو ويخبر القوم (قال سلمة فرقيت) الجبل (تلك الليلة مرتين أو ثلاثًا) طليعة للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه (ثم قدمنا المدينة فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهره) الظهر الإبل تعد للركوب وحمل الأثقال أي بعث صلى الله عليه وسلم بمركوبه (مع رباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم) إلى موضع لقاحه ليرعى مع اللقاح في موضعها خارج المدينة وهو الغابة أي بعثه (وأنا معه) أي مع رباح قال سلمة: (وخرجت معه) أي مع رباح (بفرس طلحة) بن عبيد الله حالة كوني (أنديه) وأسقيه من التندية أي أندي وأسقي فرس طلحة (مع الظهر) أي مع ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله مع رباح قال الأصمعي: التندية بالنون أن تورد الإبل والخيل حتى تشرب قليلًا ثم ترعى ساعة ثم تردها إلى الماء من يومها أو من الغد كذا في جامع الأصول وذكر أهل اللغة عن القتيبي أنه إنما يفعل ذلك لطول ظمئها ولعله يريد أنها لو تركت تشرب من المورد ما شاءت لشربت كثيرًا بحيث يضرها فتورد قليلًا ثم يذهب بها إلى المرعى ومراد سلمة أنه خرج لتندية فرس طلحة رضي الله عنه لما مر أنه كان يخدمه (فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار) مع قومه وهجم (على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم) ونوقه التي بالغابة (فاستاقه) أي فساقه كله (أجمع) ليأخذه (وقتل راعيه) أي راعي ظهره ونوقه وهو يسار النوبي كما مر (قال) سلمة:

الصفحة 382