كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 19)

فَإِذَا رَجَعَ إِلَيَّ فَارِسٌ أَتَيتُ شَجَرَةً فَجَلَسْتُ فِي أَصْلِهَا ثُمَّ رَمَيتُهُ. فَعَقَرْتُ بِهِ. حَتَّى إِذَا تَضَايَقَ الْجَبَلُ فَدَخَلُوا فِي تَضَايُقِهِ, عَلَوْتُ الْجَبَلَ. فَجَعَلْتُ أُرَدِّيهِمْ بِالْحِجَارَةِ. قَال: فَمَا زِلْتُ كَذَلِكَ أَتْبَعُهُمْ حَتَّى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ بَعِيرٍ مِنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي. وَخَلَّوْا بَينِي وَبَينَهُ
ــ
وأعقر بخيلهم وأصل العقر ضرب قواثم البعير أو الشاة بالسيف ثم اتسع حتى استعمل في القتل كما وقع هنا وحتى صار يقال عقرت البعير أي نحرته اهـ نووي وفي تعليق الذهني قوله (وأعقر بهم) مفعوله محذوف تقديره وأعقر بهم أفراسهم أي أقتلها قال في النهاية يقال: عقرت به إذا قتلت مركوبه وجعلته راجلًا اهـ (فإذا رجع إليَّ فارس) منهم (أتيت شجرة فجلست في أصلها) أي تحت أصلها تسترًا بها (ثم رميته) بالنبل (فعقرت به) فرسه وقوله (حتى إذا تضايق الجبل) غاية لقوله فوالله ما زلت أرميهم وأعقر بهم حتى إذا تضايق الجبل وتدانى بعضه إلى بعض وتقاربت أطرافه (فدخلوا في تضايقه) أي في المحل المتضايق منه واستتروا مني به بحيث لا يبلغهم ما أرميهم به من السهام والتضايق ضد الاتساع وقوله (علوت الجبل) جواب إذا أي علوت وصعدت الجبل أي أعلاه (فجعلت أرديهم) أي أسقط عليهم (بالحجارة) يعني لما امتنع علي رميهم بالسهام عدلت عن ذلك إلى رميهم من أعلى الجبل بالحجارة التي تسقطهم وتهورهم يقال: ردى الفرس راكبه إذا أسقطه وهوره (قال) سلمة (فما زلت كذلك) أي أرديهم بالحجارة حالة كوني (أتبعهم) أي أتتبعهم وأمشي وراءهم (حتى ما خلق الله من بعير من ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خلفته وراء ظهري) من في قوله من بعير زائدة أتى بها لتأكيد العموم وقد يؤتى بها للتنصيص على العموم في نحو ما رأيت من رجل فإنه قبل دخولها يحتمل نفي الجنس ونفي الموحدة ولهذا يصح أن يقال بل رجلين وبعد دخولها تعين نفي عموم الرجال وإنما سميت زائدة لأن الكلام يستقيم بدونها فيصح أن يقال حتى ما خلق الله بعيرًا ومن في قوله من ظهر بيانية والمعنى أنه ما زال بهم إلى أن استخلص منهم كل بعير أخذوه من إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله إلا خلفته وراء ظهري أي تركته يريد أنه جعله في حوزته وحال بينهم وبينه (وخلوا بيني وبينه) من التخلية وهو رفع الحيلولة أي وتركوا الحيلولة بيني وبين كل بعير من ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني تركوه لأقبضه وظاهره أن سلمة رضي الله عنه قد استنقذ جميع لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذكر أصحاب السير كابن هشام في سيرته [٢/ ٢١٤]، والواقدي في

الصفحة 384