كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 19)

ثُمَّ أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَاءَهُ عَلَى الْعَضْبَاءِ. رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ. قَال: فَبَينَمَا نَحْنُ نَسِيرُ. قَال: وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ لَا يُسْبَقُ شَدًّا , قَال: فَجَعَلَ يَقُولُ: أَلا مُسَابِقٌ إِلَى الْمَدِينَةِ؟ هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ؟ فَجَعَلَ يُعِيدُ ذَلِكَ. قَال: فَلَمَّا سَمِعْتُ كَلامَهُ قُلْتُ: أَمَا تُكْرِمُ كَرِيمًا. وَلَا تَهَابُ شَرِيفًا؟ قَال: لَا. إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! بِأَبِي وَأُمِّي, ذَرْنِي فَلأُسَابِقَ الرَّجُلَ
ــ
رضي الله عنه لبديع صنعه في هذه الغزوة وقال القاضي عياض وأما سهم الفارس فيحتمل لأنه أغنى ما لم تغن فوارس، ولأنه استنقذ الغنائم قبل أن يلحقه الجيش ويحتمل أنه من الخمس اهـ.
قوله (سهم الراجل وسهم الفارس) أما سهم الراجل فهو حقه وأما سهم الفارس فهو شيء نفله النبي صلى الله عليه وسلم إياه لحسن بلائه والتنفيل تخصيص الإمام من له غناء في الحرب بشيء من المال زيادة على سهمه وقد اختلف العلماء فيه فقال بعضهم: يعطي النفل من أصل الغنيمة وقال آخرون بل من الخمس ونقل الزرقاني عن الشافعي أنه قال بتفويضه لرأي الإمام يعمل بما يرى فيه المصلحة لإطلاق قوله تعالى: {قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} اهـ ذهني قال سلمة بن الأكوع (ثم أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه) أي خلفه (على) ناقته (العضباء) هو لقب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم والعضباء مشقوقة الأذن ولم تكن ناقته صلى الله عليه وسلم كذلك وإنما هو لقب لزمها، أي أردفني عليها حالة كوننا (راجعين إلى المدينة قال) سلمة: (فبينما نحن نسير) إلى المدينة (قال) سلمة تأكيد لقال الأول (وكان رجل من الأنصار لا يسبق) بالبناء للمجهول أي لا يسبقه غيره (شدًا) أي عدوًا على الرجلين يعني أنه كان شديد الجري بحيث لا يسبقه أحد في العدو (قال) سلمة (فجعل) الرجل (يقول: ألا مسابق) معي (إلى المدينة هل من مسابق) فيكم (فجعل) الرجل (يعيد ذلك) القول ويكرره (قال) سلمة (فلما سمعت كلامه) أي كلام ذلك الرجل (قلت) له (أما تكرم) ولا تستحي (كريمًا ولا تهاب) أي لا تخاف ولا تحترم (شريفًا قال) الرجل (لا) أستحي ولا أهاب من أحد (إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم) مسابقًا معي فأهاب منه فلا أسابقه (قال) سلمة (قلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم (يا رسول الله) أنت مفدي (بأبي وأمي ذرني) أي اتركني (فلأسابق الرجل) المذكور الفاء

الصفحة 393