كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 19)

قَال: فَأَتَيتُ عَلِيًّا فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ, وَهُوَ أَرْمَدُ. حَتَّى أَتَيتُ بِهِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَبَسَقَ فِي عَينَيهِ فَبَرَأَ. وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ. وَخَرَجَ مَرْحَبٌ فَقَال:
قَدْ عَلِمَتْ خَيبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ
فَقَال عَلِيٌّ رضي الله عنه:
أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيدَرَهْ ... كَلَيثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ
أُوفِيهِمُ بِالصَّاعِ كَيلَ السَّنْدَرَهْ
ــ
قال) سلمة: (فأتيت عليًّا) في منزله (فجئت به) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كوني (أقوده) بيده (وهو أرمد) قال أهل اللغة يقال رمد الإنسان يرمد من باب فرح رمدًا فهو رمد وأرمد إذا هاجت عينه وقوله (حتى أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم) غاية لأقود فبسق أي فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم (في عينيه فبرأ) علي أي شفي من رمده (وأعطاه) أي أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم (الراية) أي راية الحرب لعلي رضي الله عنه (وخرج) أي برز (مرحب) للمسلمين (فقال) مرحب:
(قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب)
(فـ) ـبرز له علي و (قال علي رضي الله عنه):
(أنا الذي سمتني أمي حيدره ... كليث غابات كريه المنظره
أوفيهم بالصاع كيل السندره)
قوله: (أنا الذي سمتني أمي حيدره) الحيدر والحيدرة والحادر من أسماء الأسد سمي بذلك لغلظه وقوته وكان علي رضي الله عنه سمته أمه (وهي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف) حين ولدته باسم أبيها وكان أبو طالب غائبًا فلما قدم سماه عليًّا وذكر في شرح البهجة نقلًا عن الديباج أن مرحبًا كان رأى في منامه أن أسدًا يقتله فأراد علي رضي الله عنه بهذا الرجل تذكيره بذلك ليخيفه ويضعف نفسه ومراده أنا الأسد في جراءته وإقدامه وقوته (كليث غابات) جمع غابة وهي الشجر الملتف وتطلق على عرين

الصفحة 398