كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 19)

قَال: فَضَرَبَ رَأْسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ. ثُمَّ كَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيهِ.
قَال إِبْرَاهِيمُ:
ــ
الأسد أي مأواه كما يطلق العرين على الغابة أيضًا ولعل ذلك لاتخاذه إياه في داخل الغابة غالبًا (أوفيهم بالصاع) أي أقتل الأعداء قتلًا ذريعًا واسعًا (كيل السندره) والسندره مكيال واسع وقيل السندرة العجلة فالمعنى أقتلهم قتلًا عجلًا وقيل السندرة شجرة قوية وهي الصنوبر كما ذكره النووي يعمل منها القسي والسهام (قال) سلمة: (فضرب) علي (رأس مرحب فقتله ثم كان الفتح) أي فتح خيبر (على يديه) أي على يدي علي رضي الله عنه قوله (فقتله) هذا صريح في أن عليًّا رضي الله عنه قتل مرحبًا وقد ذكر ابن إسحاق في قصة طويلة أن قاتله محمد بن مسلمة كما في سيرة ابن هشام والروض الأنف ولكن ذكر القاضي والنووي عن ابن عبد البر أن الصحيح ما في رواية مسلم أن عليًّا رضي الله عنه هو الذي قتله ثم ذكر عن ابن الأثير أن الصحيح الذي عليه أكثر أهل الحديث وأهل السير أن عليًّا هو قاتله وقد ذكر الواقدي في مغازيه [٢/ ٦٥٥] ما يجمع بين الروايتين ولفظه أن مرحبًا برز وهو كالفحل الصؤول يرتجز يدعو للبراز فقال محمد بن مسلمة يا رسول الله أنا والله الموثور الثائر قتل أخي محمود بن مسلمة بالأمس كان مرحب دلى عليه الرحا من فوق الحصن فمات رضي الله عنه فأذن لي في قتال مرحب وهو قاتل أخي فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم في مبارزته ودعا له بدعوات وأعطاه سيفه ويقال: إنه جعل يومئذِ يرتجز ويقول:
يانفس إلا تقتلي تموتي ... لا صبر لي بعد أبي النبيب
وكان أخوه محمود يكنى بأبي النبيب قال: وبرز كل واحد منهما إلى صاحبه فحال بينهما عشرات أصلها كمثل أصل الفحل من النخل وأفنان منكرة فكلما ضرب أحدهما صاحبه استتر بالعشر حتى قطعا كل ساق لها وبقي أصلها قائمًا كأنه الرجل وأفضى كل واحد منهما إلى صاحبه وبدر مرحب محمدًا فرفع السيف ليضربه فاتقاه محمد بالدرقة فلحج سيفه- وعلى مرحب درع مثمرة- فضرب محمد ساقي مرحب فقطعهما فقال مرحب: أجهز يا محمد قال محمد ذق الموت كما ذاقه أخي محمود وجاوزه ومر به علي فضرب عنقه وأخذ سلبه ثم ذكر الواقدي أن محمد بن مسلمة وعليًّا رضي الله عنه اختصما في سلبه فقضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحمد بن مسلمة والله سبحانه وتعالى أعلم.
(قال) أبو إسحاق (إبراهيم) بن محمد بن سفيان النيسابوري تلميذ الإمام مسلم

الصفحة 399