كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 19)

قَال: فَقُلْتُ: فَمَا أَوَّلُ غَزْوَةٍ غَزَاهَا؟ قَال: ذَاتُ العُسَيرِ أَو العُشَيرِ
ــ
من طريق أبي الزُّبير عن جابر أن عدد الغزوات إحدى وعشرون غزوة وإسناده صحيح كما في فتح الباري [٧/ ٢٨٠] وأصله في الحديث الآتي عند مسلم ولعل زيد بن أرقم فاته ذكر ثنتين منها وهي غزوتا الأبواء وبواط لأنَّه جعل العشيرة أول الغزوات مع أنَّها ثالثها وكان الغزوتين الأوليين خفيتا عليه لصغره ويحتمل أن أول غزوة غزاها وأنا معه العشيرة وذكر النووي عن ابن سعد أن عدد غزواته صَلَّى الله عليه وسلم سبع وعشرون قاتل في تسع منها (قال) أبو إسحاق: (فقلت) له: (كم غزوت أنت معه) صَلَّى الله عليه وسلم يا زيد (قال) زيد: غزوت معه (سبع عشرة غزوة قال) أبو إسحاق: (فقلت) لزيد: (فما أول غزوة غزاها) رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم (قال) زيد أول غزوة غزاها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم (العسير) بصيغة التصغير أي غزوة ذات العسير (أو) قال زيد غزوة ذات (العشير) بالتصغير أيضًا والشك عن أبي إسحاق وكانت هذه الغزوة في جمادى الأولى سنة (١ هـ) ورجع عنها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في جمادى الآخرة وذكر ابن سعد في طبقات [٢/ ٩ و ١٠] أن المطلوب في هذه الغزوة هي عير قريش التي صدرت من مكّة إلى الشَّام بالتجارة ففاتتهم وكانوا يترقبون رجوعها فخرج النَّبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم يتلقاها ليغنمها فبسبب ذلك كانت وقعة بدر.
وقوله (ذات العسير أو العشير) ووقع في رواية البُخاريّ العشير أو العسيرة وفي رواية التِّرمذيِّ أو العشير أو العسير بلا هاء فيهما وزاد البُخاريّ فذكرت لقتادة فقال العشيرة وقول قتادة هو الذي اتفق عليه أهل السير وهو الصواب وأمَّا غزوة العسير فهي غزوة تبوك كذا في الفتح.
قال ابن سعد ثم غزوة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ذات العشيرة في جمادى الأخيرة على رأس ستة عشر شهرًا من مهاجره وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب وكان لواء أبيض واستخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي وخرج في خمس ومائة ويقال في مائتين من المهاجرين ممن انتدب ولم يكره أحدًا على الخروج وخرجوا على ثلاثين بعيرًا يعتقبونها خرج يعترض لعير قريش حين أبدأت إلى الشَّام وكان قد جاء به الخبر بفصولها من مكّة فيها أموال قريش فبلغ ذا العشيرة وهي لبني مدلج بناحية ينبع وبين ينبع والمدينة تسعة برد فوجد العير التي خرج لها قد مضت قبل ذلك بأيام وفي هذه الغزوة وادع بني مدلج وحلفائهم من بني ضمرة ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدًا اهـ.

الصفحة 421