كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 19)

أنَّهَا قَالتْ: خَرَجَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ بَدْر. فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ. قَدْ كَانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأةٌ وَنَجْدَةٌ. فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَوْهُ. فَلَمَّا أَدرَكَهُ قَال لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ: جِئتُ لأتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ. قَال لَهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "تُؤمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ؟ " قَال: لَا. قَال: "فَارْجِعْ. فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشرِكٍ".
قَالتْ: ثُمَّ مَضَى. حَتّى إِذَا كُنَّا بِالشَّجَرَةِ
ــ
من سباعياته (أنَّها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر فلما كان بحرة الوبرة) وهو موضع على أربعة أميال من المدينة قال القاضي عياض: ضبطناه عن شيوخنا بفتح الباء وضبطه بعضهم بإسكانها (أدركه) صَلَّى الله عليه وسلم رجل أي لحقه في الطَّريق رجل اسمه حبيب بن يساف قاله الواقدي في مغازيه عن مشايخه وذكره ابن بشكوال وقد أسلم هذا الرجل (قد كان يذكر منه جرأة) أي شجاعة وهي شدة الإقدام على العدو (ونجده) أي شدة وقوة وهي بمعنى ما قبله إلَّا أن الأولى في القلب والثانية في الجسم أي يذكره النَّاس بالجرأة والنجدة ويصفونه بهما (فـ) ـلما رأوه (فرح أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حين رأوه فلما أدركه) ذلك الرجل (قال) الرجل (لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جئت لأتبعك وأصيب معك) ما تصيب من الغنيمة أي آخذ معك ما تأخذه من الكفارف فـ (ـقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم): هل (تؤمن بالله ورسوله قال) الرجل: (لا) أؤمن بهما (قال) له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إذًا: (فارجع فلن أستعين بمشرك) قال النووي: قد جاء في الحديث الآخر أنَّه استعان بصفوان بن أميَّة قبل إسلامه وقد أخذت طائفة من العلماء بالحديث على إطلاقه أي لم يجيزوا الاستعانة بمشرك على أي حال وقال آخرون: إن كان الكافر حسن الرأي في المسلمين ودعت الحاجة إلى الاستعانة به استعين به وحملوا الحديثين على هذين الحالين ثم إذا حضر المشرك القتال مع المسلمين بالإذن هل يضرب له بسهم كسهم المقاتلين الجمهور على أنَّه لا يضرب له بسهم المقاتلين بل يرضخ له أي يعطى الرضخ وهو عطاء دون السهم وقال الزُّهريّ والأوزاعي بل يسهم له كذا استفيد من النووي والله أعلم (قالت) عائشة: (ثم مضى) الرجل وذهب (حتَّى إذا كُنَّا بالشجرة) أي عند الشجرة التي في ذي الحليفة قال النووي: هكذا هو في النسخ (حتَّى إذا كنا) فيحتمل أن

الصفحة 429