كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 19)

أَدرَكَهُ الرَّجُلُ. فَقَال لَهُ كَمَا قَال أَوَّلَ مَرَّةٍ. فَقَال لَهُ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَال أَولَ مَرَّةٍ. قَال: "فَارْجِعْ فَلَنْ أَستَعِينَ بِمُشرِكٍ". قَال: ثُمَّ رَجَعَ فَأدْرَكَهُ بِالبَيدَاءِ. فَقَال لَهُ كَمَا قَال أَولَ مَرَّةٍ: "تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولهِ؟ " قَال: نَعَم. فَقَال لَهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "فَانْطَلِقْ"
ــ
عائشة كانت مع المودعين فرأت ذلك ويحتمل أنَّها أرادت بقولها: (كنا) حتَّى إذا كان المسلمون والله أعلم (أدركه) صَلَّى الله عليه وسلم (الرجل) ثانيًا (فقال) الرجل (له) صَلَّى الله عليه وسلم (كما قال) له (أول مرَّة) يعني قوله جئت لأتبعك وأصيب معك (فقال) له (النَّبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم كما قال) له (أول مرَّة) يعني قوله تؤمن بالله ورسوله قال لا (قال فارجع فلن أستعين بمشرك قال) الراوي يعني عائشة (ثم رجع) الرجل (فأدركه) صَلَّى الله عليه وسلم ثالثًا بعدما رجع (بالبيداء) التي بعد ذي الحليفة (فقال) النَّبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم (له) أي للرجل (كما قال أول مرَّة) يعني قوله (تؤمن بالله ورسوله قال) الرجل: (نعم) آمنت بالله ورسوله (فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم) إذًا (فانطلق) معنا والحاصل من مجموع الأحاديث أن الأمر في الاستعانة بالمشركين موكول إلى مصلحة الإسلام والمسلمين فإن كان يؤمن عليهم من الفساد وكان في الاستعانة بهم مصلحة فلا بأس بذلك إن شاء الله تعالى إذا كان حكم الإسلام هو الظاهر ويكون الكفار تبعًا للمسلمين عنهم غنى أو كانوا هم القادة والمسلمون تبعًا لهم أو يخاف منهم الفساد فلا يجوز الاستعانة بهم وأمَّا حديث الباب فقد اعتذر عنه من قال بالجواز بأن غزوة بدر كانت أول غزوة غزاها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وكانت هي الفرقان بين الحق والباطل فكره رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أن يستعين فيها بمشرك وأراد أن تقع هذه الغزوة الأولى بأيدي المسلمين خالصة لهم وذكر الحافظ في الفتح [٦/ ١٨٠] عن بعض العلماء أن النَّبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم تفرس في الذي قال له لن أستعين بمشرك الرغبة في الإسلام فرده رجاء أن يسلم فصدق ظنه والله سبحانه وتعالى أعلم وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الجهاد باب في المشرك يسهم له [٢٧٣٢]، والترمذي في السير باب ما جاء في أهل الذمة يغزون مع المسلمين هل يسهم لهم [١٥٥٨].
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ستة أحاديث الأوَّل: حديث زيد بن أرقم ذكره للاستدلال به على الجزء الأوَّل من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة والثَّاني: حديث

الصفحة 430